محاضرات حصرية قانون التامين S5

محاضرات حصرية قانون التامين  ذ.ابراهيم عقاش S5

قانون التأمين

مـــقـــدمـــة:

  يعتبر الآمان والاطمئنان من اهم الأمور التي يبحث عنها الإنسان في عصرنا الحالي، ذلك انه إذا كانت بعض المؤسسات التقليدية توفر الحماية سابقا كالعشيرة والقبيلة والأسرة من خلال تضامن افرادها وتعاونهم على مواجهة الأحداث التي قد تعترضهم ، فإن تطور فكرة الخطر وتنوعها نتيجة للتقدم الصناعي وتطور المدنية  أدى الى نشوء مخاطر جديدة واثبت بأن المؤسسات التقليدية المشار اليها أصبحت اليوم عاجزة عن تحقيق الحماية الضرورية، للمسؤولين عن الفعل الضار و المتضررين على حد سواء، ومواجهة الأخطار التي قد تحصل  بفعل القوة القاهرة.

         ويعتبر التامين من الوسائل الجديدة التي افرزها الواقع، وهو مؤسسة حديثة العهد شملت كل المجالات وأصبح دورها لا ينحصر فقط في تغطية الأضرار التي قد تصيب الشخص في أمواله بل امتدت أيضا الى ضمان الأخطار التي قد تصيب الشخص في نفسه، كما امتدت الى مجالات ومخاطر لم تكن معروفة من قبل كالمخاطر النووية والمخاطر المعلوماتية.

         ففائدة مؤسسة التأمين جلية من خلال مواجهة الظروف الصعبة التي قد يتعرض لها الشخص المتسبب في الضرر للغير والتي قد تنعكس سلبا على ذمته المالية، كما ان التامين يؤثر إيجابا على الضحية في الحالة التي يصعب فيها تحديد خطأ المتسبب في الضرر وعدم وأيضا في حالة اعساره وعدم قدرته على أداء قيمة التعويضات المحكوم بها.

         لقد أصبح التامين ضرورة اقتصادية واجتماعية نتيجة للإيجابيات التي يقوم عليها، فهدفه ليس هو منع تحقق المخاطر ولكن تمكين فقط الأشخاص من الاحتياط للمستقبل ومواجهة الكوارث التي قد تحصل، كما يشكل وسيلة تساهم في المشاركة في مجال الأعمال في جو من المبادرة والمساهمة الفعالة في  النشاط الاقتصادي.

         ويقوم التأمين كخدمة موجهة للجمهور على عدة عناصر تشكل العمود الفقري لكل دراسة تخص مجال التأمينات  ، حيث نجد الخطر الذي يشكل النواة الأساسية التي يقوم عليها أي عقد تامين ومحل العقد القائم بين المؤمن والمؤمن له وهو يتميز بخصائص فنية مبنية على الاحتمالات والإحصائيات ، كما نجد عنصر القسط الذي يشكل ذلك المقابل للتأمين  

                                          اضغط هنا لتحميل الدرس كاملا

 الذي يلتزم به المؤمن له ،فهو يقوم في تحديده على العديد من العناصر ويرتبط ارتباطا وثيقا بعنصر الخطر زيادة او نقصانا، كما ينتج عن عدم الالتزام بأدائه جملة من الجزاءات التي حددها المشرع، كما نجد أيضا عنصر مبلغ التـامين الذي تلتزم به شركة التأمين في حالة حصول الكارثة او الحادث موضوع الضمان، والذي يتأرجح ما بين مبدأ الصفة التعويضية التي تعرفها تأمينات الأضرار، والجزافية التي تشمل تأمينات الأشخاص، ولا يمكن اغفال عنصر المصلحة كأحد العناصر الأساسية في التأمين والتي اختلف الفقه بشأنها، لكن نعتبرها من العناصر الضرورية التي تساهم في تفادي تعمد تحقيق الأضرار وأيضا إثراء المؤمن له بلا سبب، وأيضا الحفاظ على الشيء موضوع الضمان.

         فعقد التأمين يعتبر من العقود الاحتمالية المبنية على الصدفة وعدم تدخل إرادة المؤمن له في تحقيق الحادث، كما يعتبر من العقود المتميزة بطابعها الإدعاني في العلاقة القائمة بين طرفي العقد، حيث نجد طرف قوي ذا خبرة مالية وتقنية في مجال الـتامين وطرف ضعيف ينحصر دوره فقط في قبول الشروط التي وضعتها شركات الـتأمين، كما يعتبر عقد التأمين من العقود المبنية على حسن النية من خلال التصريحات التي يتعين على المؤمن له تقديمها في كل مراحل العقد مع ما يمكن ان يترتب على ذلك من آثارفي حالة التصريحات الخاطئة.

         وتجدر الملاحظة الى انه حماية لحقوق المؤمن في مجال التأمين عمد المشرع الى إحداث ضوابط تقوم على اعتبارات قانونية واعتبارات مالية تتمثل أساسا في دعم عنصر ملاءة ذمة شركات التامين لمواجهة التزاماتها المالية، وكذلك العمل على محاولة خلق نوع من التوازن في العلاقة التعاقدية بين المؤمن لهم وشركات التـأمين، على انه وفي إطار مدونة التأمينات البرية عمد المشرع أيضا على فرض العديد من الشروط على المؤسسات التي تريد ممارسة عمليات التامين ، كضرورة الحصول على ترخيص سابق من سلطة الوصاية على مجال التأمين، وأيضا رأسمال يتجاوز ما هو محدد بالنسبة لشركات المساهمة، كما فرض العديد من الشروط لممارسة مهنة الوساطة في التأمين ، ويبقى الهدف الأساسي من فرض هذه القواعد هو ضمان السلامة المالية لهذا النوع من الخدمات المالية، وحماية المؤمن لهم ، ثم المساهمة الفعالة في الاقتصاد الوطني.

         سنعمد في هذه الدراسة على تحديد خصائص وعناصر التأمين من حيث تحديد الطبيعة القانونية لهذا النوع من العقود، وبحث العناصر الأساسية التي لكل عملية تأمين ويتعلق الأمر بالخطر والقسط ومبلغ التامين ثم المصلحة التي تقوم عليها العملية التأمينية في الفصل الأول، اما الفصل الثاني فسيتم التركيز فيه على تحديد أطراف عقد التامين ومختلف الالتزامات التي تقع على عاتقهم كالتصريح بالخطر، وأداء قسط التامين، والالتزام بأداء مبلغ التأمين في حالة وقوع الكارثة.

                                    اضغط هنا لتحميل الدرس كاملا