العلوم السياسية S1 Introduction à la Science politique
المدخل لدراسة العلوم السياسي S1
القسم الاول: ماهية علم السياسة
الفصل الاول: السياسة قديما و حديثا
المبحث الاول:
عصر السياسة
حكاية
السياسة هي حكاية قديمة قدم الانسان و الممارسة السياسية هي بدورها
قديمة. ومن ذاك الحين و الانسان يفكر كيف يحمي نفسه و يسطر على محيطه وينظم حياته و يوسع سلطاته و ياثر على الاخرين. وكانت هذه
الاسئلة الولى والاسئلة الكبرى في السياسة و سيبقى الحديث عن السياسة مادام هناك من يبحث عن العدالة و يسعى لها و يرغب في ممارسة السلطة و النفوذ و يود ان ياثر في محيطه ومن الافراد من حوله. ولا يمكن
للسياسة ان تختفي من الحياة و لا يتوقع لها ان تختفي قريبا من الرغم من قدمها لكن السياسة التي كانت حاظرة دائما و في كل العصور اصبحت اكثر حضورا في هذا العصر .
المبحث الثاني
: عناصر السياسة
ان
التعرف على السياسة يتم من خلال التعرف على مكوناتها و عناصرها المختلفة
و
المتميزة و التي تاخذ ابعادا و تجليات كثيرة و المؤكد كذلك ان للسياسة عدة
اشكال
تتراوح بين البسيطة و المعقدة ولها عدة صيغ منها القديمة و الحديثة,
القانونية , و السلوكية و الفلسفية .
و
يمكن النظر اليها من عدة زوايا , فالسياسة لا
تاتي في شكل واحد, ولا في
صيغ
واحدة, وهي تبدو للانسان العادي الذي يخشاها, بخلاف ما
تبدو السياسي الذي
يمارسها. كذلك تختلف السياسة من مجتمع الى اخر, فلكل مجتمع
اسلوبه, و
طريقته
الخاصة في شأنه السياسي , وفي تنظيم
المؤسسات و الادوار السياسية , لا
توجد
السياسة واحدة صالحة لكل زمان و مكان , و لا
يوجد تنظيم سياسي يتناسب
مع
جميع مجتمع الى اخر, فان لكل
عصر سياسته و حكايته الخاصة به . عناصر السياسة
كثيرة, لكن ابرزها
عنصر : القوة و
النفوذ و السلطة و الدولة و
الصراع
و التعاون و القرار و السلوك. و
هذه العناصر, ليست عناصر
الوحيدة.
ومن
ثم , فان السياسة
تبدو مختلفة من عنصر الى اخر, فالبعض يركز
على
عنصر
القوة و النفوذ , كاهم عنصر
من عناصر السياسة , حيث لا
يوجد مفهوم
اكثر
اهمية و محورية لفهم السياسة , من مفهوم
القوة التي تعني القدرة على التاثير
في
القناعات و الخيارات. هذا التركيز
على القوة يتجاهل عناصر مهمة اخرى
كالسلطة
و الدولة, التي هي
نفس قيمة و اهمية الدولة, فالسلطة تعني
امتلاك الحق
المشروع
في وضع القوانين, و
ادارة الموارد و تحديد الموارد , كما انه
لا يمكن
فهم
السلطة بدون السياسة, كما انه
لا يمكن فهم السياسة بدون فهم السلطة, وهذه
الاخير
تتجسد في الدولة . فالدولة عبارة
عن مؤسسات تملك السلطة , و السلطة
تمارس القوة و النفوذ, و
لا
تقبل
التدخل في شؤونها و لا توجد سلطة فوق سلطتها و هي المحرك الاساسي
للسياسة
على الصعيد الوطني و الدولي . الدولة مهمة
لفهم السياسة , و القوة
مهمة كمدخل الى علم السياسة .
المطلب الاول : التعريف الفلسفي للسياسة
يتركز
التعريف الفلسفي بشكل كلي و نهائي على السياسة كغاية انسانية و مجتمعية
و
حياتية, وكون السياسة
غاية فهي غير محققة على ارض الواقع و لا توجد سوى
عالم
المثل و المبادئ و في عالم الغيبيات, و
هي صورة في العقل اكثر مما هي
متجسدة
في الواقع, و
يمكن الوصول اليها في المستقبل لأنها غير موجودة في
الحاضر . صحيح ان حاكية السياسة بدات مع الانسان الا ان الفلاسفة هم اول من دون هذه
الحكاية
فالتعبير الفلسفي هو اقدم تعريف موثق و مدون الساسة . فالتعريف الفلسفي
الاغريقي يقول ان السياسة هي العمل الصالح و النبيل و الذي
يتوجه
الى الصالح العام و له علاقة بالجماعة و يرتبط بالاعتبارات الاجتماعية
اكثر
مما له علاقة بالفرد و الاعتبارات الشخصية و المصالح الذاتية الضيقة,
المصلحة
العامة هي الاهم في السياسة التي تتطلب الانعتاق من الانانية و
الانغماس
الكلي و الفطري في جماعة فكلما ابتعد الانسان عن الذات و المصالح
الشخصية
ازداد اقترابا من جوهر السياسة بالمعنى الفلسفي الذي يتضمن ان يمنح
الانسان
و قته و جهده في منفعة الاخرين و ينذمج في المصلحة العامة .
المطلب الثاني : التعريف الواقعي للسياسة
يشكل
التعريف الواقعي للسياسة , رد فعل
على التعريف الفلسفي ورفضا له و
تجاوز
لنقط ضعفه. وهو يزيل
القدسية و العالة المثالية عن السياسة وكونها
محتكرة
من طرف النخبة الى ارض الواقع. فالسياسة حسب
المنظور الواقعي
تعني
فن ادارة السلطة و ممارستها, وكيفية المحافظة
عليها. اذن : فلا
سياسة بدون
سلطة
و لاسلطة بدون دولة و لا دولة بدون سلطة. من
هنا تكمن جادبية السلطة في
ارتباطها
بالتاثير و النفوذ و التحكم , اي من
يملك السلطة يامر و ينهي و يطاع . و التعريف
الواقعي للسياسة برز قبل 055 سنة مع
مكيافيللي الذي يعتبر الاب
المؤسس
لهذه المدرسة . وتتلخص نظرة
مكيافيللي للسياسة باعتبارها : السعي من
اجل
الحصول على السلطة و البقاء في الحكم باي وسيلة .
المطلب الثالث : التعريف القانوني للسياسة
برز
التعريف القانوني للسياسة مع بروز ظاهرة الدولة, التي تاسست
في عصر
القوميات
في أوروبا في القرن 61 . وهذا التعريف
القانوني يبحث عن السياسة
حيثما
ينبغي ان تكون في الدولة . ان : جوهر
السياسة في التعريف القانوني هي الدولة, ففي الدولة
هناك القوة في
اضخم
معانيها و السلطة في اوضح صورها و السيطرة في جميع اشكالها. فجميع
هذه
العانصر تتجمع في الدولة اكثر مما تتجمع في اي ظاهرة سياسية اخرى, كما
ان
هذه الدولة هي التي تصنع القرارات وهي تعمل على تنفيذها . وقد برز
تعريف اخر قبل 055 سنة من
بروز الدولة القومية , و يعتبر
هوبز من
ابرز
المؤسسين للمدرسة الواقية, وحسب هذه
المدرسة : فالسياسة هي
الدولة , و
كل
نشاط له علاقة بعمل الدولة .
المطلب الرابع : التعريف السلوكي للسياسة
يعتبر
التعريف السلوكي للسياسة من التعريفات المعاصرة , حيث برز
بعد نهاية
الحرب
العالمية الثانية , و يعتبر
ديفيد استون من ابرز المؤسسين لهذه المدرسة و
المبلورين
لهذا التوجه, و
يرى اصحاب هذا التوجه بان السياسة : هي سلوك
انساني
من نوع ما و ان كل فرد في المجتمع يمارس السياسة , و يتميز
هذا
التعريف , بانه تعريف دقيق و اجرائي يفتح المجال الدراسات العلمية و المنهجية . ان التعريف
السلوكي هو رد فعل غاضب على محاولات حصر السياسية حصرا
غير
منطقي في الاطر القانونية و الدستورية و المؤسساتية للدولة, فتضيق السياسة
في
الدولة غير منسجم مع عصر التسييس, حيث اصبحت
السياسة معولمة و
منتشرة
على الصيد العالمي و متغلغلة في الهواء . ان اهم
ما يتم التركيز عليه هو الانسان كمادة في السياسة في عصر اصبحت
الحياة
مليئة بسياسة و الدينة تضج بالسيلسة..., تقول الحكاية
ان السياسة تبدا مع
الانسان
و تنتهي لديه , كما انها
تنبع منه و تعود اليه , والانسان هو
محور السياسة
و
يمكن فهمها بدون العودة اليه , ان السياسية
يجب ان تعود الى الانسان بعد
ان اختطفها التاريخ
الرسمي و حصرها في الدولة ,فالانسان هو
العقل في الدولة . و اخيرا
فالانسان سلوك سياسي يتجلى في الاهتمام بالشان العام و المشاركة السياسية .
المبحث الثالث : مستقبل السياسة
في
سياق التطور و التارخي على مدى 0055 سنة , مرة
السياسة من التفكير و
التامل
و الممارسة, بارعة تعريفات
كبرى. نجد التعريف
الفلسفسي(افلاطون),
التعريف
الواقعي (مكيافيللي) , و
التعريف الرسمي او القانوني (طوماس هوبز)
التعريف
السلوكي (دافيد استون (. جاءت عدة محاولات لمعرفة اين تتجه السياسة و هي على النحو التالي : - محاولات العودة
الى العدالة كما هو الشان بالنسبة للمفهوم الفلسفي . - محاولات اخري
للعودة الى الدولة كما هو الشان للمدرسة القانونية . - ثم هناك
شوق وحنين للرجوع الى مكيافيللي , و خاصة
الى مفهوم السلطة التي
لم
تفقد جادبيتها في اي وقت من الاوقات
- رغم المحاولات
الفلسفية و النظرية القديمة و الجديدة للتعريف بها و التعرف
اليها
تضل السياسة ظاهرة عصيبة الفهم, فحكاية السياسة
لم تتجلى و لغزها
ينكشف
بعد , واسرارها و
اوهامها اكثر بكثير من حقائقها . لا احد
يعرف الى اين تتجه السياسة في المستقيل و لا احد يستطيع ان يتكهن كيف
ستنتهي
حكاية السياسة في ضل العولمة, وهناك محاولات
فلسفية للعودة الى
العدالة
لكنها محاولات ضيقة .
الفصل الثاني : السياسة علما و فنا
ان
السياسة في جلها دنيا فن الممكن يتعلم فيها الانسان فنون الاخد و العطاء و
المناوة
و المساومة للحصول على ما يمكن الحصول عليه. لكن السياسة
هي علم
اكثر
مما هي فن بالنسبة لعالم السياسة الذي يخضع الظواهر السياسية للدراسة و
التحليل
و يبحث عن قوانين السياسية و قواعدها و ثبوتها بنوع من الحياد و
الموضوعية
بعيدا عن الحماس و العاطفة و الخطاب السياسي . ان الفروق
شاسعة بين السياسة كعلم و السياسة كفن . فعالم السياسة
يتعامل مع قوانين و القواعد و السلوك السياسي باعتباره سلوكا
منظما
و هذه الصورة تختلف عن كون السياسة مسرحا للعب ورقة الشطرنج
باعتبارها
فنا يعكس الاحساس و الافعال .
المبحث الاول : علم السياسة
ان
علم السياسة كاي علم اخر هو الذي يحاول فهم الظواهر السياسية , فتعريف
علم
السياسية ليس كتعريف السياسة . وهناك تيارين
تناولا موضوع علم الساسية وهما : التيار الاول : يعرف بالتيار التقليدي و هو يعتبر السياسة فرع من فروع العلوم
الاجتماعية يتناول
بالدراسة و التحليل مجموعة متداخل من الموضوعات و
الظواهر
و الحقائق ذات العلاقة بالدولة و السلطة و القوة و الحكومة و المؤسسات
السياسية
و خاصة مفهوم الدولة . فالدولة هنا
هي المادة التحليلية الاولى و ان
اهمية
الدولة و السلطة تشكل موضوعا حيويا لدراسة علم السياسة . اما التيار
الثاني : فهو تيار
معاصر وعلمي يعتبر ان علم السياسة هو ذالك الفرع
من
العلوم, الذي يسعى
الى اكتشاف قوانين السياسة الذي يعتبر شبيه بالعلوم
الطبيعية, وان البحث عن علم السياسة هو البحث عن قوانينها الكونية الثابتة
القريبة
من قوانين الرياضيات و الفيزياء . و يعود
الفضل الرئيسي في استقلالية و علمية علم السياسة الى المدرسة السلوكية
التي
اكتسحت العلوم الانسانية و التي اثرت بشكل كبير و حاسم في علم السياسة. و
يدعو
المنهج السلوكي الى ضرورة تحرير علم السياسة من الدراسات الفلسفية و
القانونية , و الابتعاد عن المواقف الذاتية و الاكتفاء بدراسة الحقائق الساسية و
السلوكية, عبر الملاحظة و التجرد و الحياد العلمي. وهذا المنهج
السلوكي شكل
ثورة
منهجية و احدث اضافة نوعية الى علم السياسة تمثلت في ابتعاد الدراسات
السياسية
المعاصرة عن الدراسات الوصفية و التقرب من الدراسات التحليلية .
المبحث الثاني : علاقات علم السياسة
ان
التاسيس لعلم السياسة جديد يتطلب اجراء مراجعة نقدية شاملة لواقع هذا العلم و
لأولوياته
البحثية و مناهجه و حقوله و لكن الاهم في كل هذا فان التأسيس لعلم
السياسة
الجديد يتطلب اكثر ما يتطلب الاستقرار النظري و المنهجي الذي يتحقق
لعلم
السياسة في كل تاريخه القديم و الحديث . فقد كان
علم السياسة في وقت من الاوقات على علاقة وثيقة بالفلسفة التي كانت
هي
اهم العلوم و المعارف. ورغم ان
مكيافيللي هو اول من حاول فصل علم
السياسة
عن الفلسفة, الا ان
الفصل الكامل لم يتحقق الا مع بروز عصر التنوير و
النهضة
في اوربا , وانتهت علاقة
السياسة بالفلسفة نهائيا اثر دخول البشرية عصر
الصانعة
و الحداثة و الانفجار المعرفي . فقد مر
علم الساسة بعدة علاقات جانبية قبل ان يجد ذاته و يحقق استقلاليته. و
كانت
لولى علاقاته الجانبية مع القانون , التي اتسمت
بكونها علاقات اندماجية. و
تعويضية
عن الانفصال المؤلم عن هيمنة الفلسفة. لكن علم
السياسة لم يجد في
التاريخ
ما يشبع احتياجاته و لم يجد في المنهج التاريخي ما يغني مادته ولم تؤدي
العلاقة
بينهما الى تطور ملموس , حيث تم
استبدال التاريخ بالاقتصاد الذي هو
الجار
الاقرب الى علم السياسة . اذن فلا
يمكن تخيل الاقتصاد بدون سياسة و من الصعب الحديث عن السياسة
بدون
العودة الى الاقتصاد. لكن رغم
العلاقة مع الاقتصاد مازالت مستمرة الا انها
ليست
قوية كما كانت في السابق
.
Aucun commentaire