اخر الأخبار

محاضرات حصرية قانون الميزانية Vidéo

   فيديو محاضرة قانون الميزانية الجزء الاول ذ.خالد مبروكي  (على اليوتوب)

                                            _____________________________________


_______________________________
تقديم عام :

الى  حدود منتصف القرن العشرين استحوذ الطابع المحاسبي على تعريف مفهوم الميزانية ,وكانت تعرف بتلك الوثيقة التي يتم عبرها التوقع والترخيص باقتطاع الموارد والإنفاق .
ولعل حضور الصبغة المحاسبية راجع إلى طبيعة الأدوار والوظائف التي كانت تقوم بها الدولة آنذاك والتي كانت منحصرة في حدودها الدنيا أي الدفاع , القضاء  , وتصريف الأمور الجارية للدولة . لذلك سيحدث تغير على مستوى تعريف الميزانية عقب التغيير الذي ستشهده وظائف الدولة , ففي إطار الدولة الدركية كان من المستساغ الحديث عن الميزانية بتلك الصيغة السابق ذكرها لأن الدولة لم تكن لها مهام اقتصادية واجتماعية وبالتالي انعكس ذلك على مفهوم الميزانية .
لكن مع تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية , أصبحت الميزانية أداة تفصح من خلالها الدولة عن أهدافها الاقتصادية والاجتماعية , ولم يعد الجانب المحاسبي سوى جزء داخل مفهوم أوسع وأشمل , بل الأكثر من دلك أصبحنا أمام مفاهيم جديدة تشكل تجسيدا لهدا التحول على مستوى أدوار الدولة , والمقصود بدلك قانون المالية .
وبالرجوع إلى التجربة الفرنسية وبالخصوص القوانين المنظمة للميزانية يمكننا التدليل على هدا التغيير , فمرسوم 1862 عرف الميزانية بدلك  " العمل الدي يتم عبره التوقع والادن بالإنفاق واقتطاع الموارد للدولة ..." . أما مرسوم سنة 1956  فقد اعتمد في تعريفه على العبارات التالية  " ميزانية الدولة تتوقع وتأذن في صيغتها التشريعية في تحملات وموارد الدولة , ويتم التصديق عليها من طرف البرلمان داخل قانون المالية الدي يترجم الأهداف الاقتصادية والمالية للدولة " .
من خلال هدين التعريفين يمكن إبداء ملاحظتين :
-الملاحظة الأولى : تتعلق بإضافة مفهوم جديد , وهو مفهوم قانون المالية .
-الملاحظة الثانية : تتعلق بكون قانون المالية يترجم الأهداف الاقتصادية والمالية للدولة , وهدا يعني أن العمليات المالية التي تقوم بها الدولة لا يمكن بأي حال من الأحوال حصرها في الميزانية , بل ترد في إطار أوسع وهو قانون المالية .

المبحث الأول : المفاهيم الأساسية :

المطلب الأول  : مفهوم الميزانية في التشريع المالي المغربي

بتفحصنا للقوانين المنظمة للشأن المالي العمومي وعلى رأسها الدستور والقوانين التنظيمية للمالية, نلحظ غيابا تاما لتعريف الميزانية , فدساتير المملكة لا تتعرض لهدا المفهوم , والمواد المتصلة بالمالية العمومية كلها تعتمد مفهوم قانون المالية  [1] .نفس الأمر ينطبق على القوانين التنظيمية المتعلقة بقوانين المالية , فهي الأخرى تعرف قانون المالية وتتحاشى تعريف مفهوم الميزانية وهدا ما يمكن رصده من خلال المادة 2 من القانون التنظيمي للمالية الصادر سنة 1963 , والدي يعتبر أول دستور مالي تم اقراره  "...ينص قانون مالية السنة فيما يرجع لكل سنة مدنية على مجموع موارد وتكاليف الدولة كما يأذن بها  ..." [2] .
اقتصار المشرع المغربي على تعريف قانون المالية دون الميزانية , الغرض منه التأكيد على مركزية مفهوم قانون المالية , وعلى أ، هدا الأخير هو القادر على استيعاب التغييرات التي أحدثها التحول من دولة محايدة , إلى دولة تدخلية  , لكن أمام غياب تعريف شكلي للميزانية هناك تعريف مادي ورد في المادة 21 من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 21/أبريل/1967 [3]  "  تتناول الميزانية نفقات ومداخيل الدولة السنوية غير المرصودة لأمور خصوصية والتي لها شكل ميزانية ملحقة أو حساب خصوصي للخزينة " .
هدا التعريف المعتمد من قبل المشرع المغربي إضافة إلى كونه تعريفا ماديا , هو تعريف سلبي , أي أنه يعرف الميزانية  عبر تمييزها عن باقي العمليات المالية العمومية الأخرى والمتعلقة بالمرصدات المذكورة سلفا , فالميزانية العامة لا تتضمن سوى الموارد والنفقات المتعلقة بها, مع استبعاد المخصصات التي تأخذ شكل حساب خصوصي للخزينة , أو مصلحة مسيرة بصورة مستقلة [4].
الميزانية العامة إذن تشكل الجزء المحاسبي المتعلق بالموارد والنفقات , وميزانية الدولة تتشكل من الميزانية العامة إضافة إلى الحسابات الخصوصية للخزينة ومصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة , وكل هده العمليات المالية العمومية يستوعبها قانون المالية السنوي .
لكن على المستوى المحلي أورد المشرع تعريفا شكليا لمفهوم الميزانية وبالضبط في  المادة 3 من ظهير 1976 بمثابة قانون والمتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيآتها , نفس العبارات الواردة في هدا النص سيتم اعتمادها في القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية ,في المواد 165 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات الصادر سنة 2015 والمادة 144 من القانون المتعلق بالعمالات والأقاليم 2015 , والمادة 152 من القانون المتعلق بالجماعات المحلية لسنة 2015  "  الميزانية هي الوثيقة التي يقدر ويؤدن بموجبها بالنسبة لكل سنة مالية , مجموع موارد وتكاليف الجهة .. " [5] .
على مستوى التشريع المالي المحلي والترابي , لا يمكن الحديث سوى عن الميزانية , لأن مفهوم القانون المالي ينطبق على الدولة فقط , وفي نظرنا استحضار مفهوم الميزانية وانشغال المشرع المغربي بأمر تعريف الميزانية على المستوى الترابي , مرده كون هدا الأخير – مفهوم الميزانية – هو المفهوم المركزي كما هو الشأن بالنسبة لقانون المالية على المستوى المركزي .
وتلزم الإشارة إلى أن الجانب المفاهيمي قد تم إغناؤه من خلال إدراج طرق في التدبير المالي العمومي تستهدف النجاعة والكفاءة في استعمال الموارد المالية العمومية , والمقصود بدلك مفهوم البرمجة المتعددة السنوات [6], مما يجعلنا أمام صيغ أخرى تتوخى تجاوز نواقص االحصر الزمني الدي يطبع المالية العمومية .
جميع التعاريف التي تناولت مفهوم الميزانية تشير إلى خاصيتين , وهما التوقع  والإذن
الميزانية عمل توقعي : وهدا يعني أن الميزانية توضع بالنسبة للسنة المقبلة , والتوقع يتيح للحكومة أخد فكرة مسبقة عن العمليات المالية التي تروم إنجازها , ويبعدها عن الارتجال هدا من الناحية التقنية , أما من الناحية السياسية فالتوقع يجعل من الميزانية مناسبة مثلى لمراقبة الحكومة من طرف البرلمان , ودلك  عبر إجراء مقارنة بين ما تم توقعه وما تم إنجازه, لقياس مدى حنكة الحكومة وكفاءتها في تدبير الأموال العمومية .
الميزانية عمل آذن : أي أن العمليات المالية المدرجة في إطار الميزانية لا يمكن البدء في إنجازها إلا بعد الحصول على الإدن البرلماني , أي بعد أن يحصل تصويت على المقتضيات  الواردة في إطارها , ويأخد الترخيص البرلماني صيغة قانون المالية , وهدا ما أشار إليه الدستور المغربي في المادة 75 "  يصدر قانون المالية , الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب بالتصويت من قبل البرلمان ودلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي ..."

المطلب الثاني : أصناف قوانين المالية :

الحديث عن قانون المالية لا ينحصر في قانون مالية السنة, بل هناك أصناف أخرى من القوانين المالية, وهي تلك التي أشارت إليها المادة 2 من القانون التنظيمي للمالية  " يراد في مدلول هدا القانون التنظيمي بقانون المالية :
-قانون المالية للسنة ,
-قوانين المالية المعدلة ,
-قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية ,

الفقرة الأولى : قانون مالية السنة :

هدا القانون يتضمن التقديرات المالية السنوية المتعلقة بالموارد والتحملات , وهده الأخيرة ذات طابع محاسبي ترد في الميزانية , إضافة إلى المقتضيات ذات الطابع التنظيمي والقانوني التي ترد في القانون المالي وليس في الميزانية , وفي هدا الإطار يمكن الاشارة إلى كون مفهوم قانون المالية مغهوم أوسع وأشمل من الميزانية .
وقانون المالية شأنه شأن الميزانية يوضع لمدة زمنية محددة , وهي السنة وهدا ما ألمح إليه المشرع في المادة 1 من القانون التنظيمي لقوانين المالية 130.13  " يحدد قانون المالية , بالنسبة  لكل سنة مالية , طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد




[1]   المواد 50 , 51 من دستور المملكة لسنة 1996 , كدلك المواد 75-76-77 من دستور 2011 .
[2]   نفس الأمر ينطبق على القوانين التنظيمية  اللاحقة , حتى صدور آخر قانون تنظيمي 130.13 .
[3]  المرسوم الملكي رقم 331.66 الصادر في 10 محرم 1387 الموافق ل 21/ابريل/1967  بتطبيق مقتضيات القانون التنظيمي  للمالية المتعلقة بتقديم القوانين المالية .
[4]   مند قانون التنظيمي لسنة 1998 حلت عبارة مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة محل الميزانيات الملحقة و المادة 16 مكررة من القانون التنظيمي رقم 7.98 بتاريخ  26/نوفمبر /1998 . ج ر 46.44 .
[5]   -القانون التنظيمي المتعلق بالجهات رقم 111.14 .الصادر سنة 7/ يوليوز/2015 .
    - القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم رقم 112.14 الصادر 7 /يوليوز/ 2015 .
    - القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات رقم 113.14 . الصادر  7 / يوليوز /2015 .
 اعتمدنا النص المتعلق بالجهات  المادة 165 .
[6]  المادة 3 و5 من القانون التنظيمي المتعلق بقوانين المالية 130.13  .


Aucun commentaire