المسطرة المدنية S6 2020 procédure civile
المسطرة المدنية - أهداف و خصائص المسطرة المدنية
تنقسم
القاعدة القانونية الى عدة تقسيمات ، من جملتها القواعد الآمرة والقواعد المكملة ،ثم القواعد المكتوبة وغير المكتوبة ، فضلا عن القواعد الموضوعية و القواعد الشكلية .
و إذا كانت القواعد الموضوعية هي مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد حقوق والتزامات الأطراف في علاقاتهم و مراكزهم القانونية كما تحدد مصادر الحقوق كقواعد القانون المدني ، و القانون الاجتماعي و التجاري ...، فإن القواعد الشكلية أو المسطرية يراد بها مجموعة القواعد الإجرائية التي يتعين اتباعها لاقتضاء الحقوق التي يقررها القانون الموضوعي ، فهي إذن تتولى تنظيم الإجراءات و المساطر الواجب اتباعها لممارسة الحق أو استعادته أو التقاضي من أجله كما هو الشأن بالنسبة لقواعد المسطرة المدنية و قواعد المسطرة الجنائية .
وليس هناك اتفاق في التشريعات العربية حول اصطلاح موحد يطلق على التخصص القانوني الذي يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلطة القضاء و كيفية الالتجاء إليه لطلب الحماية القانونية ، فالتشريع المصري و الليبي والعراقي يستعمل اسم " قانون المرافعات المدنية و التجارية " ، والتشريع اللبناني يستعمل اصطلاح " قانون أصول المحاكمات المدنية " و التشريع التونسي : مجلة الإجراءات المدنية و التجارية ، أما التشريع المغربي فيستعمل اصطلاح " المسطرة المدنية".
و أيا كانت التسمية التي يمكن اعتمادها فإن الهاجس الأساسي لهذا الفرع من فروع القانون هو تمكين الأشخاص من اللجوء إلى المحاكم المختصة قصد الحصول على أحكام من شأنها أن تضمن لهم التوصل بحقوقهم و التمتع بها و توفر لهم الوسائل التي تضمن التنفيذ الجبري لما على دائنيتهم من واجبات.
من هنا تكتسب قواعد المسطرة المدنية المغربية ، أو القانون القضائي الخاص ، أهمية خاصة إذ بفضل هذه القواعد الإجرائية تنتقل القواعد الموضوعية من حالة السكون حالة الحركة حيث تبين للأفراد المراحل و لإجراءات القانونية و الطرق الكفيلة للحفاظ على حقوقهم و مراكزهم القانونية .
وتعني المسطرة المدنية بمعالجة المراحل الأساسية التالية :
التنظيم القضائي: ويشمل القواعد التي تبين إنشاء المحاكم و تشكيلها و كيفية تعيين أعضائها و حقوقهم وواجباتهم و نظام الأفراد المتعاونين لها.
الاختصاص القضائي : ويشمل مجموعة القواعد التي تحدد المحكمة التي على المتقاضي أن يلجأ إليها وهذا ما يسمى بقواعد الاختصاص.
الدعوى : نجد هنا القواعد المنظمة للوسيلة التي أعطاها القانون لصاحب الحق لحماية حقه بواسطة القضاء و هي الدعوى حيث هناك القواعد المنظمة لقبول الدعوى و قواعد استعمالها و أنواعها المختلفة.
المحاكمة أو الخصومة : يقصد بذلك مجموعة القواعد الإجرائية المنظمة لشكل الأعمال التي يقوم بها الخصوم أو المحكمة بدءا من انعقاد الخصومة إلى انتهائها.
الأحكام و طرق الطعن : تحتل القواعد المنظمة للأحكام وطرق الطعن أهمية متميزة ، بحيث لن تتقرر الحماية القضائية إلا بواسطة الحكم أو القرار الصادر من المحكمة كما أن من يعيب على هذا الحكم له الحق في الحصول على الحماية القضائية من خلال طرق الطعن ، لكل ذلك هناك قواعد لإصدار الأحكام و لآثارها و لطرق الطعن فيها.
خصائص قانون المسطرة المدنية:
لقواعد قانون المسطرة المدنية خصائص متعددة تميزها عن غيرها ، يمكن حصر أهمها كالتالي :
قواعد قانون المسطرة المدنية قواعد شكلية : تتميز هذه القواعد بالطابع الشكلي لأنها تتناول الإجراءات و الأشكال التي يتعين مراعاتها واتخاذها عند التجاء الأفراد إلى القضاء ، و عند تعرض القضاء للفصل في المنازعات ، و إذا كان الشكل هو الغالب في قواعد المسطرة المدنية فإن بعض القواعد يعد من قبيل القواعد الموضوعية التي تنظم الحقوق من لك مثلا : القواعد المنظمة لطرق الطعن في الأحكام ، والقواعد الخاصة بشروط صحة الدعوى.
قواعد قانون المسطرة المدنية منها ما يتعلق بالقانون الخاص و منها ما يعتبر من النظام العام : فالقواعد الخاصة بنزاعات الأشخاص وكيفية الحفاظ على حقوقهم و مصالحهم تعتبر من صميم القانون الخاص ، في حين أن القواعد التي تعنى بتنظيم و تسيير العدالة تعتبر من القانون العام.
تعتبر بعض قواعد المسطرة المدنية من النظام العام : مثل قواعد التنظيم القضائي لأنها تنظم سلطة عامة من سلطات الدولة ، كما أن قواعد الاختصاص النوعي و بعض قواعد المحاكمة و الطعن تتعلق هي الأخرى بالنظام العام لارتباطها بحسن سير القضاء ، في حين لا تعتبر قواعد الاختصاص المحلي و بعض قواعد المحاكمة التي لم يقصد منها سوى مراعاة المصالح الخاصة للمتقاضين من النظام العام .
قانون المسطرة المدنية قانون جزائي : تهدف قواعد المسطرة المدنية إلى رسم السبل الواجب اتخاذها لترتيب الجزاء الذي قررته القوانين الموضوعية و ذلك عند مخالفتها فإذا كان القانون المدني هو الذي يحدد أركان العقد و يعين الجزاء المترتب عند المخالفة فإن قانون المسطرة المدنية هو الذي يحدد لصاحب المصلحة في تقرير هذا الجزاء كيفية الالتجاء إلى القضاء للحصول على حكم بذلك.
قانون المسطرة المدنية يشكل الشريعة العامة لإجراءات التقاضي : يعتبر ق.م.م القانون الإجرائي العام الواجب إتباعه عند الالتجاء إلى القضاء و عند الفصل في المنازعات طالما لا يوجد قانون إجرائي خاص ، و هذا يعني أن القواعد الواردة فيه هي القواعد العامة للإجراءات التي يجب إتباعها و الالتزام بها بالنسبة لسائر المنازعات ، لكن إذا نص المشرع على قاعدة مسطرية خاصة أو قانون مسطري خاص خلافا لقانون المسطرة المدنية فإن القاعدة المسطرية الخاصة تكون هي الواجبة الإتباع.
فالمسطرة المدنية إذن لا تقتصر على الإجراءات المتعلقة بالدعاوى المدنية البحتة بل تشمل الإجراءات الخاصة بالدعاوى التجارية كذلك مع استبعاد الدعاوى ذات الطابع الجنائي أو الإداري لأن هناك المسطرة الجنائية بالنسبة للأولى و المسطرة الإدارية بالنسبة للثانية ،لأن المسطرة المدنية تضم و تهتم فقط بالإجراءات الخاصة بنزاعات الأفراد فيما بينهم بخلاف المسطرتين الجنائية و الإدارية اللتين تبرز فيهما الدولة دائما كطرف في النزاع ، و يبدو جليا من خلال هدف هاتين المسطرتين فالجنائية تعنى بالبحث عن الجرائم و التصريح بوجودها و إدانة أصحابها ، أما الإدارية فهي التي تمكن المحاكم الإدارية من البث في النزاعات التي تنشأ عن تسيير القطاع العام .
لكن رغم هذا الفارق يلاحظ من جهة أن هذه المساطر على اختلاف أنواعها تقوم على نفس المبادئ الأساسية كاحترام حقوق الدفاع ووجود طرق الطعن والتزام المحاكم بالحياد...، ويلاحظ أن المسطرة المدنية تعتبر بالنسبة للمسطرتين الإدارية و الجنائية و حتى التجارية الشريعة العامة التي يلتجأ إليها لسد أي فراغ ينتج عن سكوت هذه المساطر.
هكذا فقد نصت المادة7 من قانون المحاكم الإدارية على تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام هذه المحاكم ما لم ينص نص خاص على خلاف ذلك ، و أكدت نفس القاعدة المادة 19 من قانون المحاكم التجارية إذ أجازت تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام المحاكم التجارية و محاكم الاستئناف التجارية ما لن ينص نص خاص على خلاف ذلك ، وبخصوص قانون المسطرة الجنائية هناك عدة نصوص قانونية تحيل على قانون المسطرة المدنية إن صراحة و إن ضمنا من ذلك مثلا : المادة 368 من ق م ج التي تحيل على مقتضيات ق م م في شأن تسليم الإستدعاءات ، وكذلك المادة 627 من ق م ج التي تحيل على ق م م للتعرض على وثيقة محجوزة ، و المادة 645 من ق م ج التي تحيل على ق م م لتنفيذ الشق المدني من الحكم الجنائي
- الدفوع في قانون المسطرة المدنية المغربي
ينص الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي : "يجب أن يثار في أن واحد و قبل كل دفاع في الجوهر الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى لتقديمها أمام محكمتيـن مختلفتين أو لارتباط الدعويين و الدفع بعدم القبول و إلا كان الدفعان غير مقبولين.
يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان و الإخلالات الشكلية و المسطرية التي لا تقبلها المحكمة إلا إذا كانت مصالـح الطرف قد تضررت فعلا."
إن المتمعن في مقتضات هذا الفصل يجد أن المشرع حدد نوع الدفوع التي يجب على الأطراف إثارتها عند بداية المخاصمة القضائية ،و ذلك قبل النفاذ لمناقشة الجوهر، و تلك الدفوع يمكن تحديدها حسب ما ورد بالفصل في ما يلي :
1- الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين :
وهذا الدفع يجب أن يثار من قبل ذو المصلحة ، و هو دفع يهدف أساس إلى الحيلولة دون صدور أحكاما متناقضة في نفس الموضوع و بين نفس الأطراف و لنفس السبب ، إذ أن هذا الدفع يجب أن يكون مؤسسا و للمحكمة الثار أمامها هذا الدفع أن تنظر في جديته من خلال بسط رقابتها على موضع الدعوى المرفوعة أمام محكمة أخرى غيرها ، و بسط هذه الرقابة يتمثل في التأكد مما إذا كانت الدعويين المرفوعتين أمام محكمتين مختلفتين لهما نفس الموضوع و نفس السبب و نفس الأطراف ، إذ لا قيمة لهذا الدفع إذا كان هناك اختلاف في الموضوع ، كما لو رفعت دعوى الإفراغ مثلا لعدم الأداء أمام المحكمة الابتدائية بالرباط بشأن العين المكتراة الموجودة بالرباط ، و رفعت دعوى أخرى بالإفراغ للاحتياج أمام المحكمة الابتدائية بسلا بشأن عين أخرى مكتراة داخل الدائرة القضائية للمحكمة الابتدائية بسلا ، ففي مثل هذه الحالات لا يمكن القول بوجود نفس الدعوى مرفوعة أمام محكمتين مختلفتين لأن كل دعوى تختلف من حيث الموضوع و السب عن الأخرى و لو اتحدتا في الأطراف ، و على ذلك فالمحكمة يتعين عليها التأكد من توفر الشروط الثلاثة المذكورة في آن واحد و لا يمكن أن تلتفت لهذا النوع من الدفوع إذا اختل أحد تلك الشروط.
2- الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى لارتباط دعويين :
و هذه الصورة لا يمكن تصورها إلا إذا ما توفر في الدعويين شرط أساسي متمثل في ضرورة وجود التزامات متقابلة أو متكاملة ، إذ في مثل هذه الحالة يتعين على مثير الدفع أن يبين بوضوح للمحكمة الأساس القانوني الذي دفعه لإثارة الدفع ، فمثلا إذا ما رفع زيد دعوى أمام المحكمة الابتدائية بسلا يطالب فيها عمرو بالتعويض عن الضرر الحاصل له من جراء عدم إتمامه لالتزامه المتمثل في إكمال البناء المتفق عليه ، فإن للمدعى عليه في هذه الحالة أن يدفع أمام المحكمة الابتدائية بسلا بإحالة الدعوى على أنظار المحكمة الابتدائية بالرباط لكونها هي من وضعت يدها على الدعوى التي رفعها عمرو ضد زيد بشأن إكمال أداء المبلغ المتفق عليه مقابل البناء بحجة أن البناء تم و أن زيد لم يؤد ما تبقى في ذمته من مبالغ ، ففي مثل هذه الحالات يتعين على المحكمة أن تتأكد من أمرين الأول أن تكون الدعويين تتعلقان بنفس الأطراف ،و الثاني أن تكون هناك التزامات متقابلة .
و في المثال المثار نجد أن التزامات الطرفين متقابلة و متمثلة في كون الواجب الملقى على عاتق عمرو هو القيام بأشغال البناء بينما الذي ألقي على عاتق زيد فهو أن يؤدي الثمن المتفق عليه كمقابل للبناء ، فوحدة الموضوع متوفرة و الالتزامات المتقابلة متوفرة كذلك .
و نفس الأمر بالنسبة للدعويين المرفوعتين أمام محكمتين مختلفتين بشأن دعويين موضوعهما متكاملين ، كما هو الأمر بالنسبة للدعوى المرفوعة من أجل إتمام البيع بشأن عقار محفظ مع دعوى مرفوعة لإلزام السيد المحافظ على الأملاك العقارية بتضمين عقد البيع المتعلق بنفس العقار بسجلات المحافظة العقارية، ففي مثل هذه الحالة فالدعويين و إن كانا مختلفين من حيث الموضوع فهما متكاملين ، وعلى من له المصلحة إن يثير هذا الدفع وفقا لمقتضيات الفصل موضوع الدراية .
3- الدفع بعدم القبول :
هذا النوع من الدفوع يبقى عاما و مجردا من حيث صياغته ، لكن هذا العموم و التجريد هل يعني أنه يمكن المدعى عليه أو من له المصلحة على وجه العموم في إثارة أي شيء خطر في باله و اعتباره دفعا يجب إثارته قبل الدفاع في الجوهر ؟
بالتأكيد فإن الجواب عن هذا التساؤل يكمن في المقتضيات القانونية التي تحدد وحدها ما هب الدفوعات التي يجب أن تثار قبل النفاذ لمناقشة الموضوع كما هو الأمر بالنسبة للدفوع المتعلقة مثلا بضبط هوية الأطراف بما يجعل الدعوى مقامة على النحو الصحيح قانونا ، و كذا جميع الدفوعات التي يمكن أن تدخل في إطار مقتضيات الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية .
و عليه فهذا النوع من الدفوع موكول لفطنة المحكمة التأكد مما إذا كان دفعا يجب أن تثار قبل الدفاع في الجوهر و بالتالي ترتيب الجزاء القانوني عليه .
4- دفوع تخضع للسلطة التقديرية للقاضي :
هذا النوع من الدفوع هو ما تم التنصيص عليه بالفقرة الثانية من الفصل 49 موضوع الدراسة ، و هي الدفوع يجب أن يتوفر فيها شرطان : الأول أن يتحقق الضرر من جراء خرق بعض المقتضيات القانونية ، و الثاني أن تقبل المحكمة تلك الدفوع بعدما تتأكد من تحقق الضرر .
فهذا النوع من الدفوع يجب أن يثار من طرف ذو المصلحة الذي تضررت مصالحه بشكل محقق و يقيني ، أي أن التشبث بخرق مقتضيات قانونية غير مؤثرة أو منتجة في الدعوى لا يمكن أن يشكل نوعا من الدفوع المنصوص عليها بالفصل 49كما لا يمكن أن تدخل في نطاق مقتضياته ، و في هذا الاتجاه سار المجلس الأعلى في قراره عدد 348 الصادر بتاريخ 27-04-1984 و الذي جاء فيه " إن الخطأ الذي لم يترتب عنه أي أثر على ما قضت به المحكمة لا يعد وسيلة لنقض القرار الواقع فيه " ذلك أن الخطأ المرتكز عليه لطلب النقض و إن كان قد اعتبر خرقا قانونيا من طرف طالب النقض ، فهو غير ذلك بالنسبة للمحكمة التي ارتأت أنه غير مؤثر و غير منتج في الحكم الذي صدر و بالتالي فلا يمكن الارتكان إليه لنقض القرار ،و هو نفس الأمر بالنسبة للمقتضيات القانونية التي يمكن إغفالها و لا تؤثر في حقوق و مصالح الأطراف .
و قد عدد المشرع بعض الأنواع الداخلة في هذا الصنف الرابع من الدفوع ، و ذكر حالات البطلان ،و الإخلالات الشكلية و كذا الإخلالات المسطرية .
و هذا التعداد بدوره جاء عاما ومجردا بشكل يمكن أن ينضوي تحت أي نوع من أنواع الدفوع ،
فمثلا تلك الدفوع المتعلقة بالآجال المنصوص عليها بالفصول بالفصلين 40 و 41 من قانون المسطرة الدنية يجب أن تخضع للمسطرة الواردة بالفصل 49 من نفس القانون و الذي هو موضوع الدراسة ، ذلك أن الفاحص لمقتضيات الفصلين 40 و 41 من قانون المسطرة المدنية لا يمكن أن يثير انتباهه إلا الجزاء المترتب على عدم احترام المحكمة للآجال المنصوص عليه بالفصلين و إصدار الحكم تبعا لذلك غيابيا ، ففي هذه الحالة رتب المشرع البطلان على ذلك الحكم ، لكن لا يسري بالمفهوم المخالف نفس الأثر بالنسبة للأحكام الحضورية أو التي صدرت بمثابة حضورية ، ففي هذا النوع من الأحكام لا يلتفت للدفوع المتعلقة بآجال الاستدعاء ما لم تثر قبل الدفاع في الجوهر و النفاذ لمناقشته ، إذ لا يتصور أن ينفذ المدعى عليه لمناقشة الجوهر إلا إذا اعتبر أنه تجاوز تلك الشكليات و التي يكون هو نفسه قد قدر أنها لا تأثير لها على مسار الدعوى .
و في هذا الاتجاه سار المجلس الأعلى حين نقض قرار محكمة الاستيناف الذي أساء تطبيق مقتضيات الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية ، حيث ذهب المجلس الأعلى إلى " أنه حقا لقد صح ما عابه الطاعنون ذلك أنه من جهة فإن الشهادة المعتبرة قانونا لإثبات التبليغات القضائية عند التنازع هي شهادة التسليم المنصوص عليها بالفصل 39 من ق م م و من جهة ثانية فإن الطاعنين لم يسلموا بفحوى شهادة كتابة الضبط المستظهر بها من طرف خصومهم و أعلنوا طعنهم فيها أمام المحكمة المستأنف لديها التي لها ذات الصلاحية للبث في هذا الطعن ، و عليه فإنه كان عليها لما طعن لديها في تلك الشهادة أن ترجع إلى ملف التبليغ و تبحث عما إذا كان يتوفر على شهادة التسليم التي هي وحدها المثبتة للتبليغ المدعى به أم لا ، الشيء الذي تعتبر معه لما لم تفعل ذلك و اكتفت بشهادة كتابة الضبط قد جردت قرارها من الأساس القانوني و عرضته بذلك للنقض " قرار رقم 1556 صادر بتاريخ 25/07/1986 في الملف المدني رقم 97475 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى _ المادة المدنية _ الجزء الثاني ( 1983-1991) ص 425 .فيتضح من هذا القرار أن المحكمة المثار لديها هذا النوع من الدفوع المتعلقة بالتبليغات هي التي تختص بالنظر فيها إذا ما تحققت من وجود ضرر محقق و مؤثر و الذي يقع على عاتق الأطراف توضيح ذلك الضرر ،و ذلك تمشيا مع ما جاء بقرار المجلس الأعلى عدد 3407 بتاريخ 04-06-1997 صادر في الملف المدني رقم 3382/94 و الذي نص على ما يلي :" لكن فإن ما أثير في الوسيلة الأولى لم يترتب عنه أي لبس أو غموض في هوية الأطراف كما أن الطاعنين لم يبينا الضرر الذي لحقهما من عدم التنصيص على عناوين الأطراف فضلا عن أن القرار تضمن موطن الطرفين المختار " قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى رقم 52 السنة 20 ص 79
كما أن الدفوع المتعلقة بالتقادم يجب أن تثار أمام المحكمة المرفوعة إليها الدعوى قبل كل دفاع في الجوهر و بالتالي قبل النفاذ لمناقشة الجوهر ،و على المحكمة أن ترد على هذا النوع من الدفوع و أن ترتب عليه الأثر القانوني الواجب ، و ذلك تحت طائلة بطلان الحكم الصادر في تلك الدعوى ، و عليه فقد جاء في تطبيق هذه القاعدة قرار للمجلس الأعلى قضى ب"أن الدفع بالتقادم هو دفه يؤدي إلى عدم سماع الدعوى ، يجب طبقا للفصل 49 من ق م م إثارته قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر ..." قرار عدد 6026 صادر بتاريخ 07-10-1998 في الملف المدني عدد 3399/93 منشور بالتعليق على قانون المسطرة المدنية لغاية سنة 2000 للدكتور عبد العزيز توفيق الطبعة الأولى مطبعة النجاح الجديدة ص 52 .
كما أن الدفوع المتعلقة بالفصل الأول من قانون المسطرة المدنية و المتعلقة بالصفة و الأهلية و المصلحة أو الإذن بالتقاضي تعتبر دفوعا شكلية داخلة في إطار مقتضيات الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية .
ومعلوم أن المجلس الأعلى سبق له أن حدد معني الدفوع الشكلية الوارد بالفصل 49 من ق م م و ذلك في القرار الصادر عنه و الذي جاء فيه " إن الدفع بعدم القبول المشار إليه في الفصل 49 من ق م م يهم الدفوع الشكلية التي يرد بها المدعى عليه الدعوى ، دون أن يواجه موضوعها أو مناقشتها و التي تسقط إذا أثيرت بعد الدفاع في الجوهر ما لم تتعلق بالنظام العام " قرار 1459 صادر بتاريخ 27-06-1992 منشور بمجلة المرافعة عدد 4 ص 125 .
و وفقا لهذا القرار فجميع الدفوع الشكلية التي لا تتعلق بالنظام العام - كما هو وارد بالمسائل المنصوص عليها بالفصل الأول من قانون المسطرة المدنية و التي يمكن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تثيرها - يجب أن تثيرها ذوو المصلحة قبل كل دفع أو دفاع وفقا لمقتضيات الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية و إلا كانت تلك الدفوع غير مسموعة
: المسطرة المدنية - التبليغ وأثاره القانونية
إن عملية التبليغ تنطلق قبل مناقشة النزاعات أمام المؤسسات القضائية وتستمر في الغالب بعد البث فيها، وبالتالي يمكن اعتبارها القاطرة الوحيدة لتبليغ الإجراءات وإعداد وتهيء الملفات، وتبليغ وتنفيذ القرارات المتعلقة بها وحفظها نهائيا، اوتوجيهها إلى الجهة القضائية المختصة للبث فيها.
ـ كما أن التبليغ القضائي يعتبر من أهم العناصر المساهمة في تحقيق مبدأ حق الدفاع الذي لايمكن تصور احترامه دون إشعار وإخبار وإعلام أطراف النزاع بالقضايا المتعلقة بهم والمطروحة أمام العدالة للبث والحسم فيها قبل أن تصبح نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضى به.
ونظرا لقانونية التبليغ القضائي ولارتباطه بحقوق الدفاع والمحاكمة العادلة فقد جعله المشرع المغربي خاضعا لرقابة المجلس الأعلى. وللإحاطة بجوانب التبليغ القضائي وأثاره توخينا تقسيم البحث إلى عدة مطالب.
1) تعريف التبليغ
2) شكليات التبليغ
3) طـرق التبليغ
4) أثـارالتبليـغ
5) التبليغ في ظل القاوانين الأخرى
المطلب الأول :تعريف التبليغ
إن قانون المسطرة المدنية في الفصول 37 -38 -39 وغيرها لم يقدم أي تعريف وإنما اكتفى بذكر الإجراءات الواجب سلوكها سواء من حيث الجهات المكلفة بالتبليغ أو الأوراق التي ينبغي ملؤها كطيات التبليغ وشواهد التسليم ومع ذلك فإنه من المناسب إعطاء تعريف للتبليغ لبيان الهدف منه ويمكن ذكر التعريف الآتي:
التبليغ هو" إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى علم شخص معين على يد أحد أعوان كتابة الضبط، أو أحد الأعوان القضائيين، أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو بالطريقة الإدارية والهدف من ذلك هو ضمان علم المبلغ إليه بالأمر المراد تبليغه ".
ومن خلال هذا التعريف تكمن أهمية التبليغ في عدم جواز احتجاج المبلغ بجهله لما تم تبليغه به حتى أن بعض الفقه اعتبر حجية التبليغ كحجية نشر التشريع بالجريدة الرسمية إذ لا يجوز الاعتذار بجهل ما تم التبليغ به قياسا على قاعدة عدم جواز الاعتذار بجهل القانون.
المطلب الثاني:شكليات التبليغ
ينبغي التذكير بأن التبليغ الذي يكتسي الحجية المذكورة هو ذاك المستجمع لكل البيانات والشكليات المنصوص عليها قانونا وهي:
1) الأسماء العائلية والشخصية ومهنة وموطن إقامة الطرفين
فلهذا البيان أهمية قصوى في تحديد الاختصاص المكاني، فضلا عن أنه يحدد آجال التبليغ إذ تختلف الأجال بحسب وجود موطن المتبلغ إليه في المغرب أو في الخارج، إلى جانب ذلك يساعد البيان المذكور الطرف المدعى عليه على معرفة خصمه الذي رفع الدعوى ضده، وغير خاف أن لمعرفة الخصم في النزاع أهمية بالغة، إذ تجعل المدعى عليه مستعدا للرد على إدعاءات المدعي بالوقائع والقانون على حد سواء.
2) موضوع الطلب:
وهذه الشكلية في أهميتها لا تقل عن البيان السابق، إذ بمقتضاها يتوصل الطرف المبلـغ ـ المدعى عليه ـ إلى طبيعة النزاع الذي أصبح طرفا فيه، هل هو مدني أم جنائي، وإذا كان مذنيا هل هو متصل بالعلاقات المالية للأسرة، وكل هذا ذو أهمية خاصة يساهم في تأهب واستعداد المدعى عليه لإعداد الدفاع عن نفسه وزيادة على ما ذكر فإنه في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنيةينص الفصل( 274 من ق .م.م) على ما يلي: يستدعى الأطراف للجلسة طبقا للشروط المشار إليها في الفصول 37-38-39 قبل التاريخ المحدد لحضورهم بثمانية أيام على الأقل ويجب أن يتضمن الاستدعاء بالإضافة إلى التاريخ بيان المكان والساعة التي ستعرض فيها القضية، واسم الطالب ومهنته، وموطنه، وموضوع الطلب، وبيان اسم وعنوان المصاب أو ذوي حقوقه واسم المشغل والمؤمن وكذا تاريخ ومكان الحادثة، أو تاريخ ومكان التصريح بالمرض المهني.
أما بخصوص الاستدعاء من أجل إجراء خبرة طبية فإن التعديل الجديد فـي الفصل (63 من ق.م.م) لم يعد يشترط توجيه الاستدعاء بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل خلافا لما ينص عليه الفصل 37 من نفس القانون.
3) المحكمة التي يجب أن تبث في النزاع:
وتكمن خصوصية هذا النزاع في الحيلولة دون معاناة المتقاضين من مشاكل الاختصاص، فبيان المحكمة المختصة يجعل من السهل على الطرف المبلغ اللجوء إلى المحكمة التي عليه أن يمثل أمامها دفاعا عن حقوقه ومصالحه دون مشقة أو عناء. وقد حدد الفصل(28 من ق.م.م) الاختصاص المحلي في الدعاوى الاجتماعية في الفقرة الثالتة كما يلي:" في دعاوى حوادث الشغل أمام المحكمة التي وقعت الحادثة في دائرة نفوذها، غير أنه إذا وقعت الحادثة في دائرة نفوذ محكمة ليست هي محل إقامة الضحية جاز لهذا الأخير أو لذوي حقوقه رفع القضية أمام محكمة محل إقامتهم، أما في دعاوى الأمراض المهنية فتنص الفقرة الرابعة من نفس الفصل على أن الاختصاص المحلي يكون أمام محل إقامة العامل أو ذوي حقوقه".
أما من حيث الاختصاص النوعي فإن المحكمة المؤهلة للنظر في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية طبقا للفصل (18 وما بعده من ق.م.م) هي المحكمة الابتدائية.
4) يوم وساعة الحضور
5) التنبيه إلى ضرورة اختيار موطن في مقر المحكمة عند الاقتضاء: وهذه شكلية ترمي إلى الحد من مزاعم بعض الأفراد وادعاءاتهم بعدم توصلهم بالتبليغ لعدم توفرهم على موطن أو محل إقامة يراسلون ويبلغون فيه، فمتى تم تنبيه المبلغ باختيار موطن ـ وغالبا ما يكون لدى محام ـ أصبح يسيرا استدعاؤه والاتصال به كلما اقتضى الأمر ذلك. ولا تكفي البيانات السابق ذكرها لاعتبار تبليغ الاستدعاء صحيحا وإنما لا بد من أخد مقتضيات الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية بعين الاعتبار إذ ينص هذا الفصل على أنه :
ترفق بالاستدعاء شهادة يبين فيها من سلم له الاستدعاء وفي أي تاريخ ويجب أن توقع هذه الشهادة من الطرف أو من الشخص الذي تسلمها في موطنه، وإذا عجز من تسلم الاستدعاء عن التوقيع أو رفضه، أشار إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ، ويوقع العون أو السلطة على هذه الشهادة في جميع الأحوال ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة. وإذا تعذر على عون كتابة الضبط والسلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف أو على أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر....." في حقيقة الأمر تعد هذه البيانات مكملة للتي سبق ذكرها، لكن مع ذلك تثير بعض الإشكاليات منها.
نعتقد أن المشرع حين أوجب على العون المكلف بالتبليغ الإشارة إلى عجز من تسلم الاستدعاء عن التوقيع أو رفضه، فيه نوع من القصور، فإذا كانت الإشارة إلى رفض المتسلم للاستدعاء بالشهادة المرفقة بالاستدعاء أمرا مقبولا، لأن ذلك يعكس الموقف الرافض لمن تسلمه، فإنه في اعتقادنا كان على المشرع أن يسمح في حالة العجز عن التوقيع، بالتوقيع بالبصمة وألا تعاد الشهادة إلى كتابة الضبط، والسند في ذلك هو التقليل من حدة طول الإجراءات التي عادة ما تعتري تطبيق قواعد المسطرة. يقضي الفصل أعلاه بإرسال العون للشهادة المذكورة بعد توقيعه عليها إلى المحكمة ـ كتابة الضبط بها ـ وحسب ما لدنيا من اعتقاد، ينبغي أن يستعمل المشرع لفظ " يودع " بدل " يرسل " لأن العادة جرت على أن يكون الأعوان المكلفون بالتبليغ تابعين لذات المحكمة. بل ويكونون موظفين بها كما هو الحال بخصوص كتاب الضبط فكيف يستساغ أن يرسل العون الشهادة مع إمكانية إيداعها بكاتبة الضبط التي يعمل في إطارها أضمن لسلامة وسير المسطرة فضلا عن أن الإيداع يساعد على السرعة في الإجراءات ويحول دون البطء فيها.
المطلب الثالث : طرق التبليغ
نظم المشرع طرق التبليغ في الفصول 37 و38 و39، من قانون المسطرة المدنية فنص في الفصل 37 المعدل بتاريخ 03 فبراير 2004 على أنه : " يوجه الاستدعاء بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط، أو أحد الأعوان القضائيين عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتواصل أو بالطريقة الإدارية وإذ كان المرسل إليه يسكن خارج المغرب يوجه الاستدعاء بواسطة السلم الإداري على الطريقة الديبلوماسية عدا إذا كانت مقتضيات الإتفاقية الدولية تقضي بغير ذلك.
ونص الفصل 38 على أنه:
" يسلم الاستدعاء تسليما صحيحا إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه، يعتبر الإقامة موطنا بالنسبة لمن لا موطن له بالمغرب، يجب أن يسلم الاستدعاء في غلاف مختوم لا يحمل إلا الاسم الشخصي والعائلي وعنوان وسكنى الطرف وتاريخ التبليغ متبوعا بتوقيع العون وطابع المحكمة " .
أما الفصل 39 فقد جاء في بعض فقرائه:
" إذا تعذر على عون كتابة الضبط أو السلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف أو على أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر توجه حينئذ كتابة الضبط الاستدعاء بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل.
.......يعتبر الاستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض الصادر من الطرف والشخص الذي له الصفة في تسلم الاستدعاء...."
من خلال هذه المقتضيات يمكن استخراج الطرق التي يتم بها التبليغ واستنتاج أهم الأشكالية التي تثيرها على صعيد الواقع العملي، وهذا ما سنعرض له على التو:
1 ـ التبليغ عن طريق أعوان كتابة الضبط
يعتبر التبليغ بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط الوسيلة الأولى التي ركز عليها الفصل 37 المذكور، ويعد ذلك بديهيا إذا علمنا أن هؤلاء الأعوان تابعون لكتابة الضبط بالمحكمة المعروضة عليها القضية في الغالب، فضلا عن أنهم ينتمون إلى قسم التبليغات وهذا ما يؤهلهم أكثر لمباشرة هذه المهمة المحفوفة بالمشاكل والصعوبات.
على أنه يتعين الإشارة إلى أن هذه الطريقة تثير كثيرا من المشاكل أهمها البطء وعدم كفاءة الأعوان المكلفين بالتبليغ، إذ لا يقومون في الغالب الأعم بملء شواهد التسليم بالطريقة القانونيةاللازمة، الأمر الذي يجعل كثيرا من التبليغات تتعرض للبطلان.
2 ـ التبليغ عن طريق الأعوان القضائيين ( المفوضين القضائيين حاليا)
لم يشر الفصل 37 إلى التبليغ عن طريق الأعوان القضائيين والسبب في ذلك هو أن هؤلاء لم يحدثهم المشرع كمؤسسة تساعد كتابات الضبط بالمحاكم وتخفف عنهم عبء التبليغات إلا في سنة 1980 بمقتضى القانون رقم 80/41 الصادر بشأنه ظهير 25 دجنبر 1980، وفي سنة 1986( 12 دجنبر) صدر المرسوم التطبيقي لهذا القانون، وذلك قبل صدور الظهير المؤرخ ب 10/09/1993 المعدل والمتمم للقانون المذكور.
ولقد تضمن هذا القانون 22 فصلا موزعة على تسعة أبواب إلى جانب المقتضيات العامة، أما عن اختصاص هيئة الأعوان القضائيين فوارد في الفصل الثاني من القانون السابق ذكره، ويتمثل في القيام بعمليات التبليغ اللازمة للتحقيق في القضايا ووضع الإجراءات اللازمة لتنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية، غير أن المشرع عمد في سنة 1993 إلى إحداث ما يعرف بنظام
الكتاب المحلفين ليساعدوا الأعوان القضائيين في مهامهم سيما مهمة التبليغ والتنفيذ ويعد هذا في حقيقة الأمر موقفا شاذا يخالف فيه المشرع المغربي التشريعات المقارنة الأخرى التي تنيط بالأعوان القضائيين شخصيا القيام بالتبليغات والتنفيدات، وتجدر الإشارة إلى أن المشرع عدل الفصل 37 المذكور أعلاه بمقتضى القانون رقم 03-27 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 03 فبراير 2004 ليفتح الباب أمام الأعوان القضائيين ليقوموا بمهمة التبليغ.
غير أن تدخلا تشريعيا جديدا مس نفس الفصل بإحلال المفوضين القضائيين محل الأعوان القضائيين بموجب القانون 03- 81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين والصادر الأمر بتنفيذه بالظهير الشريف رقم 23- 06-01 بتاريخ 14 فبراير 2006.
3) التبليغ عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل:
تعد هذه الطريقة الوسيلة الثانية التي نص المشرع على سلوكها في حالة عدم الاستدعاء بواسطة الأعوان المكلفين بالتبليغ، بل إنما تعد الوسيلة الأنجع في التبليغ إذا ما رجعنا إلى الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 39 فقد جاء فيهما ما يلي:
"إذا تعذر على عون كتابة الضبط أو السلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف أوعلى أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر. توجه حينئذ كتابة الضبط الاستدعاء بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل".
والدليل على نجاعة التبليغ بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل أن المشرع اعتبر الاستدعاء الذي رفض الطرف أو الشخص الذي له الصفة في تسلمه، مسلما تسليما صحيحا ابتداءا من اليوم العاشر الموالي للرفض ومع ذلك لا مناص من تسجيل ملاحظة مفادها أن إشكالات هذا النوع من التبليغ لا تقل عما سبق ذكره، إذ في كثير من الأحيان يتم إرجاع الطي بملاحظة غير مطلوب أو بملاحظة تعني الرفض، هذا إلى جانب أنه يمكن العديد من الأشخاص المعنيين بالتبليغ من التملص والتحلل من آثاره بدعوى أن الظرف الذي تم التوصل به كان فارغا.
وترجع الصعوبة بالنسبة لعبارة أو ملاحظة غير مطلوب إلى تكييفها، فهل يقصد بها رفض التسلم أم مجرد ملاحظة لا تفيد الرفض المذكور، وغني عن البيان أن اعتبارها رفضا للتسلم سيؤدي إلى نتائج قد تضر بمصالح المتقاضي-المبلغ إليه- إذ سيكون التبليغ صحيحا في حقه بعد مرور عشرة أيام من رفض التسلم. وقد سار المجلس الأعلى ممثلا في الغرفة المدنية باعتبار عبارة غير مطلوب بمثابة رفض (قرار 7-12-1965) وذلك قبل أن يعدل عن موقفه، حيث لم يعتبر عدم المطالبة بالرسالة المضمونة رفضا (قرار 27-03-1974). وفي اعتقادنا لا يمكن تكييف العبارات المذكورة بمثابة رفض بالنظر إلى خطورة نتائج ذلك على حقوق المتقاضين.
4) التبليغ بواسطة القيم:
يتم تعيين القيم لتبليغ الاستدعاء في الأحوال التي يكون فيها موطن أو محل إقامة الطرف غير معروف، ويعين القيم من بين أعوان كتابة الضبط وإن كان في نظرنا أنه يجوز تعيين هذا الأخير من بين الأعوان القضائيين ما دام هؤلاء مختصون بالتبليغ لذلك. وتكمن مهمة القيم في البحث عن الطرق، وتقديم المعلومات والمستندات المفيدة للدفاع عنه ويساعد القيم في مهمته النيابة العامة والسلطات الإدارية.
وفي حالة ما إذا عرف موطن أو محل إقامة الطرف الذي لم يكن موطنه معروفا، يخبر القيم القاضي بذلك، ويخطر إضافة إلى ذلك المعني بحالة المسطرة والمراحل التي بلغتها، وذلك في سبيل رفع النيابة التي كان يقوم بها القيم لفائدة الطرف ذي الموطن المجهول. ولتعيين القيم وقيامه بالتبليغ أهمية قصوى بالنسبة لسريان آجال الاستئناف أو النقض بالنسبة للأحكام والقرارات المبلغة إلى هذا الأخير، إذ لا تسري إلا بعد تعليقها في لوحة معدة لهذا الغرض بالمحكمة.
و إذا كانت القواعد الموضوعية هي مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد حقوق والتزامات الأطراف في علاقاتهم و مراكزهم القانونية كما تحدد مصادر الحقوق كقواعد القانون المدني ، و القانون الاجتماعي و التجاري ...، فإن القواعد الشكلية أو المسطرية يراد بها مجموعة القواعد الإجرائية التي يتعين اتباعها لاقتضاء الحقوق التي يقررها القانون الموضوعي ، فهي إذن تتولى تنظيم الإجراءات و المساطر الواجب اتباعها لممارسة الحق أو استعادته أو التقاضي من أجله كما هو الشأن بالنسبة لقواعد المسطرة المدنية و قواعد المسطرة الجنائية .
وليس هناك اتفاق في التشريعات العربية حول اصطلاح موحد يطلق على التخصص القانوني الذي يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلطة القضاء و كيفية الالتجاء إليه لطلب الحماية القانونية ، فالتشريع المصري و الليبي والعراقي يستعمل اسم " قانون المرافعات المدنية و التجارية " ، والتشريع اللبناني يستعمل اصطلاح " قانون أصول المحاكمات المدنية " و التشريع التونسي : مجلة الإجراءات المدنية و التجارية ، أما التشريع المغربي فيستعمل اصطلاح " المسطرة المدنية".
و أيا كانت التسمية التي يمكن اعتمادها فإن الهاجس الأساسي لهذا الفرع من فروع القانون هو تمكين الأشخاص من اللجوء إلى المحاكم المختصة قصد الحصول على أحكام من شأنها أن تضمن لهم التوصل بحقوقهم و التمتع بها و توفر لهم الوسائل التي تضمن التنفيذ الجبري لما على دائنيتهم من واجبات.
من هنا تكتسب قواعد المسطرة المدنية المغربية ، أو القانون القضائي الخاص ، أهمية خاصة إذ بفضل هذه القواعد الإجرائية تنتقل القواعد الموضوعية من حالة السكون حالة الحركة حيث تبين للأفراد المراحل و لإجراءات القانونية و الطرق الكفيلة للحفاظ على حقوقهم و مراكزهم القانونية .
وتعني المسطرة المدنية بمعالجة المراحل الأساسية التالية :
التنظيم القضائي: ويشمل القواعد التي تبين إنشاء المحاكم و تشكيلها و كيفية تعيين أعضائها و حقوقهم وواجباتهم و نظام الأفراد المتعاونين لها.
الاختصاص القضائي : ويشمل مجموعة القواعد التي تحدد المحكمة التي على المتقاضي أن يلجأ إليها وهذا ما يسمى بقواعد الاختصاص.
الدعوى : نجد هنا القواعد المنظمة للوسيلة التي أعطاها القانون لصاحب الحق لحماية حقه بواسطة القضاء و هي الدعوى حيث هناك القواعد المنظمة لقبول الدعوى و قواعد استعمالها و أنواعها المختلفة.
المحاكمة أو الخصومة : يقصد بذلك مجموعة القواعد الإجرائية المنظمة لشكل الأعمال التي يقوم بها الخصوم أو المحكمة بدءا من انعقاد الخصومة إلى انتهائها.
الأحكام و طرق الطعن : تحتل القواعد المنظمة للأحكام وطرق الطعن أهمية متميزة ، بحيث لن تتقرر الحماية القضائية إلا بواسطة الحكم أو القرار الصادر من المحكمة كما أن من يعيب على هذا الحكم له الحق في الحصول على الحماية القضائية من خلال طرق الطعن ، لكل ذلك هناك قواعد لإصدار الأحكام و لآثارها و لطرق الطعن فيها.
خصائص قانون المسطرة المدنية:
لقواعد قانون المسطرة المدنية خصائص متعددة تميزها عن غيرها ، يمكن حصر أهمها كالتالي :
قواعد قانون المسطرة المدنية قواعد شكلية : تتميز هذه القواعد بالطابع الشكلي لأنها تتناول الإجراءات و الأشكال التي يتعين مراعاتها واتخاذها عند التجاء الأفراد إلى القضاء ، و عند تعرض القضاء للفصل في المنازعات ، و إذا كان الشكل هو الغالب في قواعد المسطرة المدنية فإن بعض القواعد يعد من قبيل القواعد الموضوعية التي تنظم الحقوق من لك مثلا : القواعد المنظمة لطرق الطعن في الأحكام ، والقواعد الخاصة بشروط صحة الدعوى.
قواعد قانون المسطرة المدنية منها ما يتعلق بالقانون الخاص و منها ما يعتبر من النظام العام : فالقواعد الخاصة بنزاعات الأشخاص وكيفية الحفاظ على حقوقهم و مصالحهم تعتبر من صميم القانون الخاص ، في حين أن القواعد التي تعنى بتنظيم و تسيير العدالة تعتبر من القانون العام.
تعتبر بعض قواعد المسطرة المدنية من النظام العام : مثل قواعد التنظيم القضائي لأنها تنظم سلطة عامة من سلطات الدولة ، كما أن قواعد الاختصاص النوعي و بعض قواعد المحاكمة و الطعن تتعلق هي الأخرى بالنظام العام لارتباطها بحسن سير القضاء ، في حين لا تعتبر قواعد الاختصاص المحلي و بعض قواعد المحاكمة التي لم يقصد منها سوى مراعاة المصالح الخاصة للمتقاضين من النظام العام .
قانون المسطرة المدنية قانون جزائي : تهدف قواعد المسطرة المدنية إلى رسم السبل الواجب اتخاذها لترتيب الجزاء الذي قررته القوانين الموضوعية و ذلك عند مخالفتها فإذا كان القانون المدني هو الذي يحدد أركان العقد و يعين الجزاء المترتب عند المخالفة فإن قانون المسطرة المدنية هو الذي يحدد لصاحب المصلحة في تقرير هذا الجزاء كيفية الالتجاء إلى القضاء للحصول على حكم بذلك.
قانون المسطرة المدنية يشكل الشريعة العامة لإجراءات التقاضي : يعتبر ق.م.م القانون الإجرائي العام الواجب إتباعه عند الالتجاء إلى القضاء و عند الفصل في المنازعات طالما لا يوجد قانون إجرائي خاص ، و هذا يعني أن القواعد الواردة فيه هي القواعد العامة للإجراءات التي يجب إتباعها و الالتزام بها بالنسبة لسائر المنازعات ، لكن إذا نص المشرع على قاعدة مسطرية خاصة أو قانون مسطري خاص خلافا لقانون المسطرة المدنية فإن القاعدة المسطرية الخاصة تكون هي الواجبة الإتباع.
فالمسطرة المدنية إذن لا تقتصر على الإجراءات المتعلقة بالدعاوى المدنية البحتة بل تشمل الإجراءات الخاصة بالدعاوى التجارية كذلك مع استبعاد الدعاوى ذات الطابع الجنائي أو الإداري لأن هناك المسطرة الجنائية بالنسبة للأولى و المسطرة الإدارية بالنسبة للثانية ،لأن المسطرة المدنية تضم و تهتم فقط بالإجراءات الخاصة بنزاعات الأفراد فيما بينهم بخلاف المسطرتين الجنائية و الإدارية اللتين تبرز فيهما الدولة دائما كطرف في النزاع ، و يبدو جليا من خلال هدف هاتين المسطرتين فالجنائية تعنى بالبحث عن الجرائم و التصريح بوجودها و إدانة أصحابها ، أما الإدارية فهي التي تمكن المحاكم الإدارية من البث في النزاعات التي تنشأ عن تسيير القطاع العام .
لكن رغم هذا الفارق يلاحظ من جهة أن هذه المساطر على اختلاف أنواعها تقوم على نفس المبادئ الأساسية كاحترام حقوق الدفاع ووجود طرق الطعن والتزام المحاكم بالحياد...، ويلاحظ أن المسطرة المدنية تعتبر بالنسبة للمسطرتين الإدارية و الجنائية و حتى التجارية الشريعة العامة التي يلتجأ إليها لسد أي فراغ ينتج عن سكوت هذه المساطر.
هكذا فقد نصت المادة7 من قانون المحاكم الإدارية على تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام هذه المحاكم ما لم ينص نص خاص على خلاف ذلك ، و أكدت نفس القاعدة المادة 19 من قانون المحاكم التجارية إذ أجازت تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام المحاكم التجارية و محاكم الاستئناف التجارية ما لن ينص نص خاص على خلاف ذلك ، وبخصوص قانون المسطرة الجنائية هناك عدة نصوص قانونية تحيل على قانون المسطرة المدنية إن صراحة و إن ضمنا من ذلك مثلا : المادة 368 من ق م ج التي تحيل على مقتضيات ق م م في شأن تسليم الإستدعاءات ، وكذلك المادة 627 من ق م ج التي تحيل على ق م م للتعرض على وثيقة محجوزة ، و المادة 645 من ق م ج التي تحيل على ق م م لتنفيذ الشق المدني من الحكم الجنائي
- الدفوع في قانون المسطرة المدنية المغربي
ينص الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي : "يجب أن يثار في أن واحد و قبل كل دفاع في الجوهر الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى لتقديمها أمام محكمتيـن مختلفتين أو لارتباط الدعويين و الدفع بعدم القبول و إلا كان الدفعان غير مقبولين.
يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان و الإخلالات الشكلية و المسطرية التي لا تقبلها المحكمة إلا إذا كانت مصالـح الطرف قد تضررت فعلا."
إن المتمعن في مقتضات هذا الفصل يجد أن المشرع حدد نوع الدفوع التي يجب على الأطراف إثارتها عند بداية المخاصمة القضائية ،و ذلك قبل النفاذ لمناقشة الجوهر، و تلك الدفوع يمكن تحديدها حسب ما ورد بالفصل في ما يلي :
1- الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين :
وهذا الدفع يجب أن يثار من قبل ذو المصلحة ، و هو دفع يهدف أساس إلى الحيلولة دون صدور أحكاما متناقضة في نفس الموضوع و بين نفس الأطراف و لنفس السبب ، إذ أن هذا الدفع يجب أن يكون مؤسسا و للمحكمة الثار أمامها هذا الدفع أن تنظر في جديته من خلال بسط رقابتها على موضع الدعوى المرفوعة أمام محكمة أخرى غيرها ، و بسط هذه الرقابة يتمثل في التأكد مما إذا كانت الدعويين المرفوعتين أمام محكمتين مختلفتين لهما نفس الموضوع و نفس السبب و نفس الأطراف ، إذ لا قيمة لهذا الدفع إذا كان هناك اختلاف في الموضوع ، كما لو رفعت دعوى الإفراغ مثلا لعدم الأداء أمام المحكمة الابتدائية بالرباط بشأن العين المكتراة الموجودة بالرباط ، و رفعت دعوى أخرى بالإفراغ للاحتياج أمام المحكمة الابتدائية بسلا بشأن عين أخرى مكتراة داخل الدائرة القضائية للمحكمة الابتدائية بسلا ، ففي مثل هذه الحالات لا يمكن القول بوجود نفس الدعوى مرفوعة أمام محكمتين مختلفتين لأن كل دعوى تختلف من حيث الموضوع و السب عن الأخرى و لو اتحدتا في الأطراف ، و على ذلك فالمحكمة يتعين عليها التأكد من توفر الشروط الثلاثة المذكورة في آن واحد و لا يمكن أن تلتفت لهذا النوع من الدفوع إذا اختل أحد تلك الشروط.
2- الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى لارتباط دعويين :
و هذه الصورة لا يمكن تصورها إلا إذا ما توفر في الدعويين شرط أساسي متمثل في ضرورة وجود التزامات متقابلة أو متكاملة ، إذ في مثل هذه الحالة يتعين على مثير الدفع أن يبين بوضوح للمحكمة الأساس القانوني الذي دفعه لإثارة الدفع ، فمثلا إذا ما رفع زيد دعوى أمام المحكمة الابتدائية بسلا يطالب فيها عمرو بالتعويض عن الضرر الحاصل له من جراء عدم إتمامه لالتزامه المتمثل في إكمال البناء المتفق عليه ، فإن للمدعى عليه في هذه الحالة أن يدفع أمام المحكمة الابتدائية بسلا بإحالة الدعوى على أنظار المحكمة الابتدائية بالرباط لكونها هي من وضعت يدها على الدعوى التي رفعها عمرو ضد زيد بشأن إكمال أداء المبلغ المتفق عليه مقابل البناء بحجة أن البناء تم و أن زيد لم يؤد ما تبقى في ذمته من مبالغ ، ففي مثل هذه الحالات يتعين على المحكمة أن تتأكد من أمرين الأول أن تكون الدعويين تتعلقان بنفس الأطراف ،و الثاني أن تكون هناك التزامات متقابلة .
و في المثال المثار نجد أن التزامات الطرفين متقابلة و متمثلة في كون الواجب الملقى على عاتق عمرو هو القيام بأشغال البناء بينما الذي ألقي على عاتق زيد فهو أن يؤدي الثمن المتفق عليه كمقابل للبناء ، فوحدة الموضوع متوفرة و الالتزامات المتقابلة متوفرة كذلك .
و نفس الأمر بالنسبة للدعويين المرفوعتين أمام محكمتين مختلفتين بشأن دعويين موضوعهما متكاملين ، كما هو الأمر بالنسبة للدعوى المرفوعة من أجل إتمام البيع بشأن عقار محفظ مع دعوى مرفوعة لإلزام السيد المحافظ على الأملاك العقارية بتضمين عقد البيع المتعلق بنفس العقار بسجلات المحافظة العقارية، ففي مثل هذه الحالة فالدعويين و إن كانا مختلفين من حيث الموضوع فهما متكاملين ، وعلى من له المصلحة إن يثير هذا الدفع وفقا لمقتضيات الفصل موضوع الدراية .
3- الدفع بعدم القبول :
هذا النوع من الدفوع يبقى عاما و مجردا من حيث صياغته ، لكن هذا العموم و التجريد هل يعني أنه يمكن المدعى عليه أو من له المصلحة على وجه العموم في إثارة أي شيء خطر في باله و اعتباره دفعا يجب إثارته قبل الدفاع في الجوهر ؟
بالتأكيد فإن الجواب عن هذا التساؤل يكمن في المقتضيات القانونية التي تحدد وحدها ما هب الدفوعات التي يجب أن تثار قبل النفاذ لمناقشة الموضوع كما هو الأمر بالنسبة للدفوع المتعلقة مثلا بضبط هوية الأطراف بما يجعل الدعوى مقامة على النحو الصحيح قانونا ، و كذا جميع الدفوعات التي يمكن أن تدخل في إطار مقتضيات الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية .
و عليه فهذا النوع من الدفوع موكول لفطنة المحكمة التأكد مما إذا كان دفعا يجب أن تثار قبل الدفاع في الجوهر و بالتالي ترتيب الجزاء القانوني عليه .
4- دفوع تخضع للسلطة التقديرية للقاضي :
هذا النوع من الدفوع هو ما تم التنصيص عليه بالفقرة الثانية من الفصل 49 موضوع الدراسة ، و هي الدفوع يجب أن يتوفر فيها شرطان : الأول أن يتحقق الضرر من جراء خرق بعض المقتضيات القانونية ، و الثاني أن تقبل المحكمة تلك الدفوع بعدما تتأكد من تحقق الضرر .
فهذا النوع من الدفوع يجب أن يثار من طرف ذو المصلحة الذي تضررت مصالحه بشكل محقق و يقيني ، أي أن التشبث بخرق مقتضيات قانونية غير مؤثرة أو منتجة في الدعوى لا يمكن أن يشكل نوعا من الدفوع المنصوص عليها بالفصل 49كما لا يمكن أن تدخل في نطاق مقتضياته ، و في هذا الاتجاه سار المجلس الأعلى في قراره عدد 348 الصادر بتاريخ 27-04-1984 و الذي جاء فيه " إن الخطأ الذي لم يترتب عنه أي أثر على ما قضت به المحكمة لا يعد وسيلة لنقض القرار الواقع فيه " ذلك أن الخطأ المرتكز عليه لطلب النقض و إن كان قد اعتبر خرقا قانونيا من طرف طالب النقض ، فهو غير ذلك بالنسبة للمحكمة التي ارتأت أنه غير مؤثر و غير منتج في الحكم الذي صدر و بالتالي فلا يمكن الارتكان إليه لنقض القرار ،و هو نفس الأمر بالنسبة للمقتضيات القانونية التي يمكن إغفالها و لا تؤثر في حقوق و مصالح الأطراف .
و قد عدد المشرع بعض الأنواع الداخلة في هذا الصنف الرابع من الدفوع ، و ذكر حالات البطلان ،و الإخلالات الشكلية و كذا الإخلالات المسطرية .
و هذا التعداد بدوره جاء عاما ومجردا بشكل يمكن أن ينضوي تحت أي نوع من أنواع الدفوع ،
فمثلا تلك الدفوع المتعلقة بالآجال المنصوص عليها بالفصول بالفصلين 40 و 41 من قانون المسطرة الدنية يجب أن تخضع للمسطرة الواردة بالفصل 49 من نفس القانون و الذي هو موضوع الدراسة ، ذلك أن الفاحص لمقتضيات الفصلين 40 و 41 من قانون المسطرة المدنية لا يمكن أن يثير انتباهه إلا الجزاء المترتب على عدم احترام المحكمة للآجال المنصوص عليه بالفصلين و إصدار الحكم تبعا لذلك غيابيا ، ففي هذه الحالة رتب المشرع البطلان على ذلك الحكم ، لكن لا يسري بالمفهوم المخالف نفس الأثر بالنسبة للأحكام الحضورية أو التي صدرت بمثابة حضورية ، ففي هذا النوع من الأحكام لا يلتفت للدفوع المتعلقة بآجال الاستدعاء ما لم تثر قبل الدفاع في الجوهر و النفاذ لمناقشته ، إذ لا يتصور أن ينفذ المدعى عليه لمناقشة الجوهر إلا إذا اعتبر أنه تجاوز تلك الشكليات و التي يكون هو نفسه قد قدر أنها لا تأثير لها على مسار الدعوى .
و في هذا الاتجاه سار المجلس الأعلى حين نقض قرار محكمة الاستيناف الذي أساء تطبيق مقتضيات الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية ، حيث ذهب المجلس الأعلى إلى " أنه حقا لقد صح ما عابه الطاعنون ذلك أنه من جهة فإن الشهادة المعتبرة قانونا لإثبات التبليغات القضائية عند التنازع هي شهادة التسليم المنصوص عليها بالفصل 39 من ق م م و من جهة ثانية فإن الطاعنين لم يسلموا بفحوى شهادة كتابة الضبط المستظهر بها من طرف خصومهم و أعلنوا طعنهم فيها أمام المحكمة المستأنف لديها التي لها ذات الصلاحية للبث في هذا الطعن ، و عليه فإنه كان عليها لما طعن لديها في تلك الشهادة أن ترجع إلى ملف التبليغ و تبحث عما إذا كان يتوفر على شهادة التسليم التي هي وحدها المثبتة للتبليغ المدعى به أم لا ، الشيء الذي تعتبر معه لما لم تفعل ذلك و اكتفت بشهادة كتابة الضبط قد جردت قرارها من الأساس القانوني و عرضته بذلك للنقض " قرار رقم 1556 صادر بتاريخ 25/07/1986 في الملف المدني رقم 97475 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى _ المادة المدنية _ الجزء الثاني ( 1983-1991) ص 425 .فيتضح من هذا القرار أن المحكمة المثار لديها هذا النوع من الدفوع المتعلقة بالتبليغات هي التي تختص بالنظر فيها إذا ما تحققت من وجود ضرر محقق و مؤثر و الذي يقع على عاتق الأطراف توضيح ذلك الضرر ،و ذلك تمشيا مع ما جاء بقرار المجلس الأعلى عدد 3407 بتاريخ 04-06-1997 صادر في الملف المدني رقم 3382/94 و الذي نص على ما يلي :" لكن فإن ما أثير في الوسيلة الأولى لم يترتب عنه أي لبس أو غموض في هوية الأطراف كما أن الطاعنين لم يبينا الضرر الذي لحقهما من عدم التنصيص على عناوين الأطراف فضلا عن أن القرار تضمن موطن الطرفين المختار " قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى رقم 52 السنة 20 ص 79
كما أن الدفوع المتعلقة بالتقادم يجب أن تثار أمام المحكمة المرفوعة إليها الدعوى قبل كل دفاع في الجوهر و بالتالي قبل النفاذ لمناقشة الجوهر ،و على المحكمة أن ترد على هذا النوع من الدفوع و أن ترتب عليه الأثر القانوني الواجب ، و ذلك تحت طائلة بطلان الحكم الصادر في تلك الدعوى ، و عليه فقد جاء في تطبيق هذه القاعدة قرار للمجلس الأعلى قضى ب"أن الدفع بالتقادم هو دفه يؤدي إلى عدم سماع الدعوى ، يجب طبقا للفصل 49 من ق م م إثارته قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر ..." قرار عدد 6026 صادر بتاريخ 07-10-1998 في الملف المدني عدد 3399/93 منشور بالتعليق على قانون المسطرة المدنية لغاية سنة 2000 للدكتور عبد العزيز توفيق الطبعة الأولى مطبعة النجاح الجديدة ص 52 .
كما أن الدفوع المتعلقة بالفصل الأول من قانون المسطرة المدنية و المتعلقة بالصفة و الأهلية و المصلحة أو الإذن بالتقاضي تعتبر دفوعا شكلية داخلة في إطار مقتضيات الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية .
ومعلوم أن المجلس الأعلى سبق له أن حدد معني الدفوع الشكلية الوارد بالفصل 49 من ق م م و ذلك في القرار الصادر عنه و الذي جاء فيه " إن الدفع بعدم القبول المشار إليه في الفصل 49 من ق م م يهم الدفوع الشكلية التي يرد بها المدعى عليه الدعوى ، دون أن يواجه موضوعها أو مناقشتها و التي تسقط إذا أثيرت بعد الدفاع في الجوهر ما لم تتعلق بالنظام العام " قرار 1459 صادر بتاريخ 27-06-1992 منشور بمجلة المرافعة عدد 4 ص 125 .
و وفقا لهذا القرار فجميع الدفوع الشكلية التي لا تتعلق بالنظام العام - كما هو وارد بالمسائل المنصوص عليها بالفصل الأول من قانون المسطرة المدنية و التي يمكن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تثيرها - يجب أن تثيرها ذوو المصلحة قبل كل دفع أو دفاع وفقا لمقتضيات الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية و إلا كانت تلك الدفوع غير مسموعة
: المسطرة المدنية - التبليغ وأثاره القانونية
إن عملية التبليغ تنطلق قبل مناقشة النزاعات أمام المؤسسات القضائية وتستمر في الغالب بعد البث فيها، وبالتالي يمكن اعتبارها القاطرة الوحيدة لتبليغ الإجراءات وإعداد وتهيء الملفات، وتبليغ وتنفيذ القرارات المتعلقة بها وحفظها نهائيا، اوتوجيهها إلى الجهة القضائية المختصة للبث فيها.
ـ كما أن التبليغ القضائي يعتبر من أهم العناصر المساهمة في تحقيق مبدأ حق الدفاع الذي لايمكن تصور احترامه دون إشعار وإخبار وإعلام أطراف النزاع بالقضايا المتعلقة بهم والمطروحة أمام العدالة للبث والحسم فيها قبل أن تصبح نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضى به.
ونظرا لقانونية التبليغ القضائي ولارتباطه بحقوق الدفاع والمحاكمة العادلة فقد جعله المشرع المغربي خاضعا لرقابة المجلس الأعلى. وللإحاطة بجوانب التبليغ القضائي وأثاره توخينا تقسيم البحث إلى عدة مطالب.
1) تعريف التبليغ
2) شكليات التبليغ
3) طـرق التبليغ
4) أثـارالتبليـغ
5) التبليغ في ظل القاوانين الأخرى
المطلب الأول :تعريف التبليغ
إن قانون المسطرة المدنية في الفصول 37 -38 -39 وغيرها لم يقدم أي تعريف وإنما اكتفى بذكر الإجراءات الواجب سلوكها سواء من حيث الجهات المكلفة بالتبليغ أو الأوراق التي ينبغي ملؤها كطيات التبليغ وشواهد التسليم ومع ذلك فإنه من المناسب إعطاء تعريف للتبليغ لبيان الهدف منه ويمكن ذكر التعريف الآتي:
التبليغ هو" إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى علم شخص معين على يد أحد أعوان كتابة الضبط، أو أحد الأعوان القضائيين، أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو بالطريقة الإدارية والهدف من ذلك هو ضمان علم المبلغ إليه بالأمر المراد تبليغه ".
ومن خلال هذا التعريف تكمن أهمية التبليغ في عدم جواز احتجاج المبلغ بجهله لما تم تبليغه به حتى أن بعض الفقه اعتبر حجية التبليغ كحجية نشر التشريع بالجريدة الرسمية إذ لا يجوز الاعتذار بجهل ما تم التبليغ به قياسا على قاعدة عدم جواز الاعتذار بجهل القانون.
المطلب الثاني:شكليات التبليغ
ينبغي التذكير بأن التبليغ الذي يكتسي الحجية المذكورة هو ذاك المستجمع لكل البيانات والشكليات المنصوص عليها قانونا وهي:
1) الأسماء العائلية والشخصية ومهنة وموطن إقامة الطرفين
فلهذا البيان أهمية قصوى في تحديد الاختصاص المكاني، فضلا عن أنه يحدد آجال التبليغ إذ تختلف الأجال بحسب وجود موطن المتبلغ إليه في المغرب أو في الخارج، إلى جانب ذلك يساعد البيان المذكور الطرف المدعى عليه على معرفة خصمه الذي رفع الدعوى ضده، وغير خاف أن لمعرفة الخصم في النزاع أهمية بالغة، إذ تجعل المدعى عليه مستعدا للرد على إدعاءات المدعي بالوقائع والقانون على حد سواء.
2) موضوع الطلب:
وهذه الشكلية في أهميتها لا تقل عن البيان السابق، إذ بمقتضاها يتوصل الطرف المبلـغ ـ المدعى عليه ـ إلى طبيعة النزاع الذي أصبح طرفا فيه، هل هو مدني أم جنائي، وإذا كان مذنيا هل هو متصل بالعلاقات المالية للأسرة، وكل هذا ذو أهمية خاصة يساهم في تأهب واستعداد المدعى عليه لإعداد الدفاع عن نفسه وزيادة على ما ذكر فإنه في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنيةينص الفصل( 274 من ق .م.م) على ما يلي: يستدعى الأطراف للجلسة طبقا للشروط المشار إليها في الفصول 37-38-39 قبل التاريخ المحدد لحضورهم بثمانية أيام على الأقل ويجب أن يتضمن الاستدعاء بالإضافة إلى التاريخ بيان المكان والساعة التي ستعرض فيها القضية، واسم الطالب ومهنته، وموطنه، وموضوع الطلب، وبيان اسم وعنوان المصاب أو ذوي حقوقه واسم المشغل والمؤمن وكذا تاريخ ومكان الحادثة، أو تاريخ ومكان التصريح بالمرض المهني.
أما بخصوص الاستدعاء من أجل إجراء خبرة طبية فإن التعديل الجديد فـي الفصل (63 من ق.م.م) لم يعد يشترط توجيه الاستدعاء بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل خلافا لما ينص عليه الفصل 37 من نفس القانون.
3) المحكمة التي يجب أن تبث في النزاع:
وتكمن خصوصية هذا النزاع في الحيلولة دون معاناة المتقاضين من مشاكل الاختصاص، فبيان المحكمة المختصة يجعل من السهل على الطرف المبلغ اللجوء إلى المحكمة التي عليه أن يمثل أمامها دفاعا عن حقوقه ومصالحه دون مشقة أو عناء. وقد حدد الفصل(28 من ق.م.م) الاختصاص المحلي في الدعاوى الاجتماعية في الفقرة الثالتة كما يلي:" في دعاوى حوادث الشغل أمام المحكمة التي وقعت الحادثة في دائرة نفوذها، غير أنه إذا وقعت الحادثة في دائرة نفوذ محكمة ليست هي محل إقامة الضحية جاز لهذا الأخير أو لذوي حقوقه رفع القضية أمام محكمة محل إقامتهم، أما في دعاوى الأمراض المهنية فتنص الفقرة الرابعة من نفس الفصل على أن الاختصاص المحلي يكون أمام محل إقامة العامل أو ذوي حقوقه".
أما من حيث الاختصاص النوعي فإن المحكمة المؤهلة للنظر في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية طبقا للفصل (18 وما بعده من ق.م.م) هي المحكمة الابتدائية.
4) يوم وساعة الحضور
5) التنبيه إلى ضرورة اختيار موطن في مقر المحكمة عند الاقتضاء: وهذه شكلية ترمي إلى الحد من مزاعم بعض الأفراد وادعاءاتهم بعدم توصلهم بالتبليغ لعدم توفرهم على موطن أو محل إقامة يراسلون ويبلغون فيه، فمتى تم تنبيه المبلغ باختيار موطن ـ وغالبا ما يكون لدى محام ـ أصبح يسيرا استدعاؤه والاتصال به كلما اقتضى الأمر ذلك. ولا تكفي البيانات السابق ذكرها لاعتبار تبليغ الاستدعاء صحيحا وإنما لا بد من أخد مقتضيات الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية بعين الاعتبار إذ ينص هذا الفصل على أنه :
ترفق بالاستدعاء شهادة يبين فيها من سلم له الاستدعاء وفي أي تاريخ ويجب أن توقع هذه الشهادة من الطرف أو من الشخص الذي تسلمها في موطنه، وإذا عجز من تسلم الاستدعاء عن التوقيع أو رفضه، أشار إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ، ويوقع العون أو السلطة على هذه الشهادة في جميع الأحوال ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة. وإذا تعذر على عون كتابة الضبط والسلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف أو على أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر....." في حقيقة الأمر تعد هذه البيانات مكملة للتي سبق ذكرها، لكن مع ذلك تثير بعض الإشكاليات منها.
نعتقد أن المشرع حين أوجب على العون المكلف بالتبليغ الإشارة إلى عجز من تسلم الاستدعاء عن التوقيع أو رفضه، فيه نوع من القصور، فإذا كانت الإشارة إلى رفض المتسلم للاستدعاء بالشهادة المرفقة بالاستدعاء أمرا مقبولا، لأن ذلك يعكس الموقف الرافض لمن تسلمه، فإنه في اعتقادنا كان على المشرع أن يسمح في حالة العجز عن التوقيع، بالتوقيع بالبصمة وألا تعاد الشهادة إلى كتابة الضبط، والسند في ذلك هو التقليل من حدة طول الإجراءات التي عادة ما تعتري تطبيق قواعد المسطرة. يقضي الفصل أعلاه بإرسال العون للشهادة المذكورة بعد توقيعه عليها إلى المحكمة ـ كتابة الضبط بها ـ وحسب ما لدنيا من اعتقاد، ينبغي أن يستعمل المشرع لفظ " يودع " بدل " يرسل " لأن العادة جرت على أن يكون الأعوان المكلفون بالتبليغ تابعين لذات المحكمة. بل ويكونون موظفين بها كما هو الحال بخصوص كتاب الضبط فكيف يستساغ أن يرسل العون الشهادة مع إمكانية إيداعها بكاتبة الضبط التي يعمل في إطارها أضمن لسلامة وسير المسطرة فضلا عن أن الإيداع يساعد على السرعة في الإجراءات ويحول دون البطء فيها.
المطلب الثالث : طرق التبليغ
نظم المشرع طرق التبليغ في الفصول 37 و38 و39، من قانون المسطرة المدنية فنص في الفصل 37 المعدل بتاريخ 03 فبراير 2004 على أنه : " يوجه الاستدعاء بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط، أو أحد الأعوان القضائيين عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتواصل أو بالطريقة الإدارية وإذ كان المرسل إليه يسكن خارج المغرب يوجه الاستدعاء بواسطة السلم الإداري على الطريقة الديبلوماسية عدا إذا كانت مقتضيات الإتفاقية الدولية تقضي بغير ذلك.
ونص الفصل 38 على أنه:
" يسلم الاستدعاء تسليما صحيحا إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه، يعتبر الإقامة موطنا بالنسبة لمن لا موطن له بالمغرب، يجب أن يسلم الاستدعاء في غلاف مختوم لا يحمل إلا الاسم الشخصي والعائلي وعنوان وسكنى الطرف وتاريخ التبليغ متبوعا بتوقيع العون وطابع المحكمة " .
أما الفصل 39 فقد جاء في بعض فقرائه:
" إذا تعذر على عون كتابة الضبط أو السلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف أو على أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر توجه حينئذ كتابة الضبط الاستدعاء بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل.
.......يعتبر الاستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض الصادر من الطرف والشخص الذي له الصفة في تسلم الاستدعاء...."
من خلال هذه المقتضيات يمكن استخراج الطرق التي يتم بها التبليغ واستنتاج أهم الأشكالية التي تثيرها على صعيد الواقع العملي، وهذا ما سنعرض له على التو:
1 ـ التبليغ عن طريق أعوان كتابة الضبط
يعتبر التبليغ بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط الوسيلة الأولى التي ركز عليها الفصل 37 المذكور، ويعد ذلك بديهيا إذا علمنا أن هؤلاء الأعوان تابعون لكتابة الضبط بالمحكمة المعروضة عليها القضية في الغالب، فضلا عن أنهم ينتمون إلى قسم التبليغات وهذا ما يؤهلهم أكثر لمباشرة هذه المهمة المحفوفة بالمشاكل والصعوبات.
على أنه يتعين الإشارة إلى أن هذه الطريقة تثير كثيرا من المشاكل أهمها البطء وعدم كفاءة الأعوان المكلفين بالتبليغ، إذ لا يقومون في الغالب الأعم بملء شواهد التسليم بالطريقة القانونيةاللازمة، الأمر الذي يجعل كثيرا من التبليغات تتعرض للبطلان.
2 ـ التبليغ عن طريق الأعوان القضائيين ( المفوضين القضائيين حاليا)
لم يشر الفصل 37 إلى التبليغ عن طريق الأعوان القضائيين والسبب في ذلك هو أن هؤلاء لم يحدثهم المشرع كمؤسسة تساعد كتابات الضبط بالمحاكم وتخفف عنهم عبء التبليغات إلا في سنة 1980 بمقتضى القانون رقم 80/41 الصادر بشأنه ظهير 25 دجنبر 1980، وفي سنة 1986( 12 دجنبر) صدر المرسوم التطبيقي لهذا القانون، وذلك قبل صدور الظهير المؤرخ ب 10/09/1993 المعدل والمتمم للقانون المذكور.
ولقد تضمن هذا القانون 22 فصلا موزعة على تسعة أبواب إلى جانب المقتضيات العامة، أما عن اختصاص هيئة الأعوان القضائيين فوارد في الفصل الثاني من القانون السابق ذكره، ويتمثل في القيام بعمليات التبليغ اللازمة للتحقيق في القضايا ووضع الإجراءات اللازمة لتنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية، غير أن المشرع عمد في سنة 1993 إلى إحداث ما يعرف بنظام
الكتاب المحلفين ليساعدوا الأعوان القضائيين في مهامهم سيما مهمة التبليغ والتنفيذ ويعد هذا في حقيقة الأمر موقفا شاذا يخالف فيه المشرع المغربي التشريعات المقارنة الأخرى التي تنيط بالأعوان القضائيين شخصيا القيام بالتبليغات والتنفيدات، وتجدر الإشارة إلى أن المشرع عدل الفصل 37 المذكور أعلاه بمقتضى القانون رقم 03-27 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 03 فبراير 2004 ليفتح الباب أمام الأعوان القضائيين ليقوموا بمهمة التبليغ.
غير أن تدخلا تشريعيا جديدا مس نفس الفصل بإحلال المفوضين القضائيين محل الأعوان القضائيين بموجب القانون 03- 81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين والصادر الأمر بتنفيذه بالظهير الشريف رقم 23- 06-01 بتاريخ 14 فبراير 2006.
3) التبليغ عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل:
تعد هذه الطريقة الوسيلة الثانية التي نص المشرع على سلوكها في حالة عدم الاستدعاء بواسطة الأعوان المكلفين بالتبليغ، بل إنما تعد الوسيلة الأنجع في التبليغ إذا ما رجعنا إلى الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 39 فقد جاء فيهما ما يلي:
"إذا تعذر على عون كتابة الضبط أو السلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف أوعلى أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر. توجه حينئذ كتابة الضبط الاستدعاء بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل".
والدليل على نجاعة التبليغ بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل أن المشرع اعتبر الاستدعاء الذي رفض الطرف أو الشخص الذي له الصفة في تسلمه، مسلما تسليما صحيحا ابتداءا من اليوم العاشر الموالي للرفض ومع ذلك لا مناص من تسجيل ملاحظة مفادها أن إشكالات هذا النوع من التبليغ لا تقل عما سبق ذكره، إذ في كثير من الأحيان يتم إرجاع الطي بملاحظة غير مطلوب أو بملاحظة تعني الرفض، هذا إلى جانب أنه يمكن العديد من الأشخاص المعنيين بالتبليغ من التملص والتحلل من آثاره بدعوى أن الظرف الذي تم التوصل به كان فارغا.
وترجع الصعوبة بالنسبة لعبارة أو ملاحظة غير مطلوب إلى تكييفها، فهل يقصد بها رفض التسلم أم مجرد ملاحظة لا تفيد الرفض المذكور، وغني عن البيان أن اعتبارها رفضا للتسلم سيؤدي إلى نتائج قد تضر بمصالح المتقاضي-المبلغ إليه- إذ سيكون التبليغ صحيحا في حقه بعد مرور عشرة أيام من رفض التسلم. وقد سار المجلس الأعلى ممثلا في الغرفة المدنية باعتبار عبارة غير مطلوب بمثابة رفض (قرار 7-12-1965) وذلك قبل أن يعدل عن موقفه، حيث لم يعتبر عدم المطالبة بالرسالة المضمونة رفضا (قرار 27-03-1974). وفي اعتقادنا لا يمكن تكييف العبارات المذكورة بمثابة رفض بالنظر إلى خطورة نتائج ذلك على حقوق المتقاضين.
4) التبليغ بواسطة القيم:
يتم تعيين القيم لتبليغ الاستدعاء في الأحوال التي يكون فيها موطن أو محل إقامة الطرف غير معروف، ويعين القيم من بين أعوان كتابة الضبط وإن كان في نظرنا أنه يجوز تعيين هذا الأخير من بين الأعوان القضائيين ما دام هؤلاء مختصون بالتبليغ لذلك. وتكمن مهمة القيم في البحث عن الطرق، وتقديم المعلومات والمستندات المفيدة للدفاع عنه ويساعد القيم في مهمته النيابة العامة والسلطات الإدارية.
وفي حالة ما إذا عرف موطن أو محل إقامة الطرف الذي لم يكن موطنه معروفا، يخبر القيم القاضي بذلك، ويخطر إضافة إلى ذلك المعني بحالة المسطرة والمراحل التي بلغتها، وذلك في سبيل رفع النيابة التي كان يقوم بها القيم لفائدة الطرف ذي الموطن المجهول. ولتعيين القيم وقيامه بالتبليغ أهمية قصوى بالنسبة لسريان آجال الاستئناف أو النقض بالنسبة للأحكام والقرارات المبلغة إلى هذا الأخير، إذ لا تسري إلا بعد تعليقها في لوحة معدة لهذا الغرض بالمحكمة.
التبليغ بالطريقة الإدارية:
لا شك أن للسلطات الإدارية دورا مهما في القيام بالتبليغ، ذلك أن التبليغ بالقرى والبوادي والمناطق النائية يرتكز بالأساس على أعوان السلطة (المقدم، الشيخ)، بل إن لهؤلاء أهمية كبرى حتى في التبليغ في المجال الحضري.
غير أن هذا الدور سرعان ما يرتب العديد من الإشكالات خاصة بالنسبة لشهادات التسليم التي لا تملأ بالطريقة والدقة اللتين يتطلبهما القانون، إذ غالبا ما تكون التبليغات التي يقوم بها أعوان السلطة محل طعون وشكوك. وترجع هذه الإشكالات إلى عدة أسباب منها غلبة الأمية على الشيخ والمقدمين وكثرة المهام التي يقومون بها إلى جانب التبليغ وعدم الإلمام بالقواعد القانونية المنظمة للتبليغات، وعدم الإحاطة والتنبؤ بالنتائج السلبية التي تترتب على التبليغ الذي لم تحترم فيه الشكليات القانونية المتطلبة، ومن هذه الأسباب كذلك عدم التنسيق بين السلطات القضائية والسلطات الإدارية فضلا عن اختلاف التقطيع القضائي حيث تكون بعض المناطق تابعة إداريا لمقاطعة أو قيادة معينة في الوقت الذي تكون فيه تابعة قضائيا لمحكمة لا تدخل في دائرتها القضائية هذه المنطقة، فتبعث التبليغات في غالب الأحيان إلى مقاطعات أو قيادات لا يوجد فيها موطن أو محل إقامة المبلغ إليه.
6) التبليغ بالطريقة الدبلوماسية:
يعد التبليغ بالطريقة الدبلوماسية من الطرق الهامة التي تساعد على إيصال الإستدعاءات إلى المعنيين بالأمر المقيمين خارج تراب المملكة، ويساهم هذا النوع من التبليغ في تمكين المغاربة المقيمين بالخارج بوجه خاص من الإحاطة بالإجراءات والدعاوى والأحكام التي تهمهم والتي تباشر في وطنهم.
وتعد السلطات الدبلوماسية (وزارة الخارجية والسفارات والقنصليات) الجهات الرئيسية في القيام بهذا النوع من التبليغات، ومع أهمية هذه الطريقة فإن لها العديد من السلبيات منها البطء وطول الإجراءات وتعقيد المساطر. بالنظر أولا إلى الآجال الطويلة والإضافية التي يضعها المشرع استثناءا لمن يوجد موطنه خارج المغرب (الفصل 41 والفصل136 من ق.م.م)، وبالنظر ثانيا إلى تعقيد المسطرة وصعوبة سلوكها، إذ غالبا ما يتطلب التبليغ بالطريقة الدبلوماسية شهورا عديدة، خاصة وأن
المبلغ إليه قد يعمد كل مرة إلى تغيير عنوانه أو موطنه تحاشيا لكل ما قد يصدر ضده من أحكام أو ما قد يتخذ ضده من إجراءات.
التبليغ في إطار التشريع الخاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية:
نظرا للخصوصية والصبغة الإستعجالية التي تطبع قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، فإن المشرع علاوة على القواعد العامة المطبقة في مسطرة التبليغ قد خص القضايا الاجتماعية بمزيد من البيانات الواجب توفرها في طيات التبليغ والاستدعاءات وكذلك الأحكام الصادرة بشأن تلك القضايا فنص على المسطرة الاجتماعية في الفصول من (269 إلى294 من ق.م.م)، فبخصوص الاستدعاء زيادة على ما نص عليه الفصل 36 وجب ذكر في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية بيان اسم وعنوان المصاب أو ذوي حقوقه واسم المشغل والمؤمن وكذا تاريخ ومكان الحادثة أو تاريخ ومكان التصريح بالمرض المهني. أما بخصوص الأجل المخول لقاضي الصلح لاستدعاء الأطراف فهو خمسة أيام طبقا للفصل (215 من ظهير حوادث الشغل) الذي ينص على ما يلي:"يقع الاستدعاء المذكور في ظرف 5 أيام الموالية لوصول الملف إلى محكمة الصلح إذا توفي المصاب أو إذا استقرت حالته الصحية قبل اختتام البحث". في حين أن الفصـل (274 من ق.م.م) يحدد استدعاء المدعى عليه والمدعي في ثمانية أيام من تاريخ انعقاد الجلسة ونعتقد أن الأجل الأخير هو الأصوب نظرا للعطل التي تصادف فترات الاستدعاء. ومن المجدي أن نتساءل عن الجهة الحقيقية التي يجب توجيه التبليغات إليها بالنسبة للقضايا التي ترفع على إدارة صناديق العمل.
فبالنظر إلى القوانين المحدثة لصناديق الزيادة في الإيرادات و الضمان والتضامن فإن الممثل القانوني لها المخول بالترافع هو وزير التشغيل أو من يفوضه لهذا الغرض ونظرا للصبغة العمومية التي تطبع هذه الصناديق كمرفق اجتماعي فإن التبليغات المرسلة إلى الوزارة المركزية تعتبر تبليغات صحيحة من الناحية القانونية لكون وزير التشغيل هو الممثل الحقيقي ولكن من الناحية الواقعية فإن التسليم والتبليغ الذي يقع بمكتب الضبط المركزي بالوزارة والبطء والتأخر الذي يحدث في تلك المراسلات يحرم إدارة صناديق العمل التي تتوصل لاحقا بتلك الوثائق من استئناف الأحكام أو الجواب عن الجلسات في الآجل المناسبة، تكون شواهد التسليم التي ترجع للمحكمة هي التي تتضمن تاريخ التبليغ القانوني لذا يتعين التنسيق مع مكتب الضبط المركزي بالوزارة لإرسال كافة الوثائق المبلغة في ظرف وجيز أو توجيه المفوضين القضائيين إلى هذه الإدارة مباشرة ومع ذلك فإن التبليغ عن طريق البريد مع الإشارة بالتوصل يظل إشكالية قائمة تتطلب من مكتب الضبط المركزي بالوزارة الإحالة السريعة للبريد. ويلاحظ أن العديد من التبليغات التي تهم إدارة صناديق العمل توجه إلى مديرية الاحتياط الاجتماعي وهو تبليغ غير قانوني لايلزم إدارة صناديق العمل بسبب البطلان إلا أن الإشكالية تثار عندما يرسل مكتب الضبط المركزي بالوزارة على سبيل الخطأ تلك التبليغات إلى جهة غير إدارة صناديق العمل فإن الأجال هنا يضيع لكون التبليغ كان صحيحا، ولا يفوتنا أن نشير إلى أنه ولو تم التبليغ إلى إدارة صناديق العمل بطريقة صحيحة ولم يتم إدخال العون القضائي في الدعوى طبقا للفصل( 514 من ق.م.م) فإن الدعوى تكون غير مقبولة ويكون الحكم المبني عليها قابلا للإلغاء، كما أن (الفصل 9 من ق.م.م) يوجب إبلاغ النيابة العامة بالدعاوى التي تكون فيها الدولة أو الجماعات....وإلا كانت باطلة وعلى هذا الأساس فإن التبليغات في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية المرفوعة على إدارة صناديق العمل يجب ـ كي تكون مقبولة أن تبلغ إلى هذه الأطراف ـ أما في حوادث الشغل المقترنة بحوادث السير لإن ظهير 6 فبراير 1963 نص في الفصل 177 على مايلي:
يجب على الشخص الذي يقيم الدعوى على الغير المسـؤول أن يدخـل فـي الدعـوى ـ حتى لا يرفض طلبه ـ ممثل صندوق الزيادة في إيرادات حوادث الشغل وذلك إذا كان المصاب أو ذوي حقوقه يستفيدون من إحدى الزيادات.
وانطلاقا من القضايا والتجارب والمعالجة اليومية للملفات يمكن التمييز بين نوعين من القضايا التي تواجه إدارة صناديق العمل:
1) التبليغات المتعلقة بدعاوى الإيرادات القانونية :
فإن هذه التبليغات لا يفترض فيها إدخال العون القضائي أو إبلاغ النيابة العامة لكونها مرفوعة من طرف المصابين أو ذوي حقوقهم في مواجهة المؤاجر أو مؤمنه يكون الهدف منها الحصول على إيراد تتحمله الجهة المشغلة وهذه الدعاوى تدخل في نطاق المسؤولية التعاقدية وتدخل إدارة صناديق العمل في هذه الدعاوى يكون اختياريا إذ الهدف منه هو التنبيه إلى ضرورة تطبيق التشريع الخاص بحوادث الشغل و الأمراض المهنية تطبيقا سليما.
2) القضايا المرفوعة أساسا على صناديق الشغل أو المتعلقة بحوادث الشغل المقترنة بحوادث السير :
فإن التبليغ في هذه الدعاوى يجب أن يصل إلى كافة الأطراف المذكورة أعلاه لكون الأموال التي تصرفها هذه الصناديق في الإعانات والمنح والأجهزة والإيرادات التي يؤديها صندوق التضامن بسبب الفتن والحوادث الحربية أو التعويضات التي يؤديها صندوق الضمان بسبب عسر المشغلين أو منظمات التأمين تعتبر أموال عمومية تخضع لرقابة المجلس الأعلى للحسابات وتجبى بقرارات حكومية تكتسي صبغة عمومية وآمرة.
المطلب الرابع:آثار التبليغ
لقد سكت المشرع المغربي عن الآثار المترتبة عن التبليغ أو عدمه مما جعل الجهاز القضائي يتصدى لإيجاد الحلول وترتيب الآثار عن التبليغ المعيب والناقص في شكلياته سواء تعلق الأمر بالاستدعاء وطيات التبليغ، أو الموطن أو محل الإقامة حيث تولى المجلس الأعلى وبعض محاكم الاستئناف إصدار مجموعة من القرارات والاجتهادات في إطار الاختصاص والرقابة القانونية تنصب كلها على إلغاء الكثير من الأحكام المبنية على التبليغ المعيب أو الناقص كما أن العديد من الوزارات بتعاون مع وزارة العدل قد تدخلت بعدة مناشير لتلافي النتائج السلبية التي تلحق الضرر بمصالحها نتيجة التبليغات التي لا تحترم البيانات والآجال المسطرة في ق.م.م وبعض القوانين الخاصة، وسوف نذكر قرارات المجلس الأعلى ومحاكم الاستئناف وكذا منشورات بعض الوزارات التي طالبت ونصت على إلغاء العديد من إجراءات التبليغ لأنها لم تكن وفق البيانات القانونية المطلوبة.
ـ قرارات المجلس الأعلى: القرار المدني الصادر بتاريخ 24 أكتوبر 1968، بخصوص عدم استدعاء الخصم " استدعاء الخصم شرط أساسي لإصدار الحكم عليه كي يسمع ما عنده إليه وإلا كان الحكم باطلا ".
قرارات قضاء المجلس الأعلى:
1 ـ قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 18- 6- 91 تحت عدد 816 منشور بمجلة المعيار عدد 18 و19 ص 174 وما يليها:
ـ عدم استدعاء الطاعن أو من يمثله للجلسة التي أدرجت فيها القضية للمداولة يجعل القرار الصادر باطلا لخرقه لقواعد المسطرة المضرة بالطاعن ولمساسه بحقوق الدفاع.
2 ـ قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 4- 4- 88 تحت عدد 904 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة المدنية الجزء الثاني ص 479.
ـ إن الإشعار البريدي بالتوصل يعد محررا رسميا فهو حجة بالوقائع التي يشهد الموظف العمومي بحصولها إلى أن يطعن فيه بالزور ولهذا تكون المحكمة على صواب لما اعتمدته كحجة على تواصل الطالب بالإنذار واعتبرت أن مجرد إنكار التوقيع غير كاف للقول بعدم التوصل.
3 ـ قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 9- 4- 82 تحت عدد 105 في الملف المدني عدد 87368 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31 ص 148 وما يليها.
ـ يثبت التبليغ في حالة الإنكار بشهادة التبليغ التي تبين لمن وقع له تسليم التنبيه أو رفض تسلمه أو بشهادة التسليم البريدية وأن عدم سحب التنبيه من طرف إدارة البريد لا يقوم مقام رفض التسليم.
اجتهاد محكمة الاستئناف بالدار البيضاء – قرار 683/3 بتاريخ 10- 9 – 1985 مجلة المحاكم المغربية، عدد 46 وقد جاء بالقرار المذكور ما يلي: غلاف بالتبليغ: الإشارة إلى كل البيانات اللازمة بما فيها تاريخ التبليغ وتوقيع العون، لا تقوم شهادة التبليغ الصادرة من مصلحة التبليغ مقام غلاف التبليغ.
ـ تاريخ التبليغ: عدم الإشارة إليه في غلاف التبليغ يرتب بطلان التبليغ ولو لم يثره الطرف المعني هذا مع العلم أن غلاف التبليغ يعتبر طيا قضائيا ويجب أن يحتوي جميع الوثائق المراد تبليغها للمعني بالأمر، أما شهادة التسليم فيمكن القول أنها وثيقة إدارية قانونية دورها إثبات واقعة التبليغ، ويجب أن يحتفظ بها بملف التبليغ سواء لدى العون القضائي أو بالإدارة القضائية، وعلى ضوءها تسلم الشواهد الإدارية عند المنازعة في التبليغ من عدمه.
تاريخ التبليغ وتوقيع العون على طي التبليغ: من الاجتهادات الصادرة في الموضوع الطيات القضائية قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ـ الغرفة المدنية الثانية: رقم 683/3 بتاريخ 10- 9- 1985 ملف مدني عدد 412/85 مجلة المحاكم المغربية، عدد 46 نونبر ودجنبر 1986...... فإن كان من حق الإدارة أن تتوفر على شهادة التسليم التي تتضمن بيانات إلزامية كما هي محددة في الفصل 39 من ق.م.م فإنه بالمقابل يحق للطرف المبلغ إليه أن يتوفر على وثيقة تسمح له بالقيام بإجراء الطعن، وهذه الوثيقة هي غلاف التبليغ المنصوص عليه في المادة 38 من ق.م.م والذي يجب أن يتضمن الاسم الكامل للطرف المعني وعنوانه وتاريخ تبليغه وتوقيع العون.
ـ إن عدم الإشارة إلى تاريخ التبليغ على الغلاف يكون إخلالا شكليا مضرا بمصالح المحكوم عليه ولا يمكن سد هذا الإخلال بالشهادة الإدارية التي تسلم من مصلحة التبليغ ولو تضمنت هذه الشهادة البيانات بما فيها تاريخ التبليغ، لأن تاريخ التبليغ مسألة جوهرية يجب أن تبرز على غلاف التبليغ.
ـ إن غلاف التبليغ الذي لا يحمل تاريخ التبليغ وغير موقع من طرف العون المبلغ يترتب عليه التصريح ببطلان التبليغ ولو لم يطلبه الطرف المعني، وبالتالي يعتبر الطعن قد تم داخل الأجل القانوني.
ـ شهادة التسليم: قرار عدد 301 المؤرخ في 15 يناير 1997، الملف المدني عدد 1067/1996.
" الشهادة المعتبرة قانونا لإثبات التبليغات القضائية هي شهادة التسليم المنصوص عليها في ف 39 من ق.م.م والمحكمة عند ما أصدرت قرارها بعدم قبول الاستئناف شكلا، واستنادا إلى شهادة تبليغ مسلمة من طرف رئيس كتابة الضبط تفيد أن التبليغ قد بلغ للمستأنف، دون أن ترجع لملف التبليغ وتبحث عما إذا كان يتوفر على شهادة التسليم التي هي وحدها المثبتة لتبليغ المدعى عليه أم لا، تكون قد خرقت مقتضيات ف 39 من ق.م.م وعرضت بذلك قرارها للنقض والإبطال ".
المناشير والدوريات
منشور عن السيد وزير العدل المؤرخ في 7 مارس 1980 حول الاستدعـاء للجلسـات " لقد أثار انتباهي السيد وزير التجهيز والإنعاش الوطني إلى أن الاستدعاءات للجلسات والخاصة بالمنازعات التي تهم وزارته لا تتوفر في غالب الأحيان على كل العناصر التي من شأنها أن تدل المصالح المعنية بهذه الاستدعاءات على ماهية ونوع القضية.
إنني إذ أؤكد لكم محتويات المنشورين عدد 628 بتاريخ 12 فبراير 1973 وعدد 698 بتاريخ 20 غشت 1974 الهادفة إلى تخويل الإدارات والمؤسسات العمومية التي تعتبر طرفا من الدعاوى المعروضة على محاكمكم آجالا كافية حتى يتسنى لها اتخاذ التدابير الكفيلة بالحفاظ على حقوق الدولة ومصالحها أطلب منكم بكل تأكيد أن تراقبوا بكيفية دقيقة تطبيق مقتضيات المسطرة المدنية فيما يخص مطبوعات الاستدعاءات والسهر على استعمال هذه المطبوعات فيما أعدت له حتى تكون شاملة لجميع البيانات المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من ق.م.م مع إرفاق ورقة الاستدعاء بنسخة من مقال الدعاوى ليتسنى للخصم المستدعى من طرف المحكمة معرفة موضوع النازلة وإعداد وجوه دفاعه في الوقت المناسب.
ونظرا لما تكتسيه هذه التوجيهات من أهمية قصوى في ميدان حسن تصريف الأشغال أرجو منكم تبليغها إلى أقسام كتابات الضبط بمحاكمكم ليكونوا على بينة منها ويعملوا بمقتضاها بكامل الدقة والعناية والسلام ".
1ـ منشور وزير العدل تحت عدد 896 بتاريخ 9 أكتوبر 1980 حول استدعاء موظفي ومصالح وزارة الدولة المكلفة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية " بناء على ملاحظة وزير البريد حيث أشار هذا الأخير إلى إغفال ذكر موضوع النزاع وسبب المتابعة وكذا الإدارة التي ينتمي إليها الطرف المعني بالأمر والاقتصار على الإشارة إلى المدعى والمدعى عليه وهذا ما يترتب عليه عدم التعرف على نوعية القضية حتى يتمكن الطرف المعني إيفاد ممثله القانوني الذي ينوب عليه في الجلسات.
وعليه فإن وزير العدل يطلب من كتاب الضبط أن يسهروا شخصيا على أن تتضمن الاستدعات الموجهة إلى الوزارة المذكورة كافة البيانات والمراجع التي من شأنها أن تعطي صورة واضحة المعالم عن الواقعة أو القضية موضوع الاستدعاء".
2ـ رسالة دورية صادرة من وزير العدل بتاريخ 17 أبريل 1990 تحت عدد 25171 حول تبليغ الاستدعاءات والطيات القضائية بالخارج.
" فقد أثار انتباهي وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى أن بعض الاستدعاءات والطيات القضائية الموجهة من محاكم المملكة إلى أشخاص يقيمون ببلد أجنبي، تصل متأخرة إلى سفارتنا وقنصلياتنا بالخارج حيث يتعذر تبليغها لأصحابها في الوقت المناسب أو توجه إلى المحاكم الأجنبية دون اعتماد الطرق الدبلوماسية والأعراف الدولية ".
ونظرا للآثار السلبية وللانعكاسات الوخيمة التي تنتج عن التبليغات الناقصة والمعيبة وبناء على ما أثير من ملاحظات عن العديد من الوزارات فقد تدخلت وزارة العدل بمنشور يكتسي صبغة الإلزام في التقيد بضوابط التبليغ وبياناته مع اقتراح العديد من الحلول لتلاقي الخلل في البيانات وتتمثل هذه الحلول في النقط التالية:
1 ـ تكليف قاض من قضاة المحكمة بالإشراف على التبليغ والمراقبة الدائمة لسيره.
2 ـ تعيين موظف خاص من درجة منتدب قضائي بالتنسيق مع الأعوان القضائيين.
3 ـ مسك كتابة الضبط لسجل التداول بالنسبة للطلبات المعدة للتبليغ وفق النموذج رقم 419 المقرر من طرف الوزارة.
4 ـ إلتزام الأعوان سواء منهم الأعوان القضائيون أو أعوان المحكمة بضرورة مسك كل واحد منهم لسجل وفق النموذج الموجه إليكم صحبته
5 ـ مراعاة مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية وخاصة ما يتعلق منها بالغلاف.
6 ـ مراعاة الآجال التي حددها الفصل 40 من ق.م.م عند تهيئ الاستدعات
7 ـ تحرير شهادات التسليم بخط واضح
8 ـ اتخاذ الإجراءات الصارمة في حق كل عون تهاون في تطبيق هذه المقتضيات أو قصر في أداء واجبه المطلوب.
منشور صادر عن وزير العدل حول سير التبليغ بتاريخ 26/10/1994 تحت عدد 1647 س 2.
المطلب الخامس:التبليغ في ظل القاونين الأخرى
مسطرة التبليغ في قانون المسطرة المدنية الفرنسي: لقد تطرق هذا القانون إلى إجراءات التبليغ العادية واعتبرها عملا تقنيا بسيطا يتم عن طريق البريد كما تطرق إلى طرق التبليغ الخاصة التي تتم بين المحامين وغيرهم من مساعدي القضاء وذلك توخيا للمرونة والسرعة ويا ليث القانوني المغربي فتح المجال للتواصل بين الفاعلين في فضاء العدالة والقانون من محامين وغيرهم ووسع من دائرة التواصل بينهم باستعمال التبليغ الإلكتروني والفاكس شريطة أن يتم إخبار كتابة الضبط بكل إجراء متخذ أو متفق عليه في الفقرة الأولى وعلى عكس القانون المغربي فإن القانون الفرنسي نص على ضرورة تبليغ القرارات مرفقة بالإشارة إلى طرق الطعن عند التعسف في ممارسة حق الطعن (مثلا الطعون المقدمة خارج الأجل) وقد أحسن المشرع الفرنسي عندما نص على أن الأحكام حين تصدر يتعين على المستفيد من الحكم أن يبلغ الطرف المحكوم عليه في ظرف 6 أشهر وإلا فإن الحكم يعتريه التقادم.
أما قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري فقد خصص عدة مواد لإجراءات التبليغ وحدد بكيفية دقيقة البيانات الخاصة بالمتقاضين وموطن المدعين والجهة المكلفة بالتبليغ ورتب في المادة 19 منه بطلان الإجراءات متى خالفت الشكليات المنصوص عليها في القانون مع اتسام القانون المصري بالمرونة والبساطة، فمن التبليغ بالطريق الدبلوماسي مثلا يتم إما عن طريق وزارة الخارجية أو عن طريق البعثات الدبلوماسية المعتمدة في القاهرة، كما أنه في حالة عدم التوفر على عنوان وموطن المبلغ إليه فإن التبليغ يتم للعمدة أو الشيخ أو السلطات المحلية أو في آخر عنوان كان يقطن به المعني بالتبليغ، وفي حالة وجود صعوبة في التبليغ فإن قاضي الأمور الوقتية يبث في أمر صعوبة التبليغ، كما أن القانون المصري جعل المدد والآجال متضمنة في الأوامر والأحكام القضائية، لضمان سرعة تبليغها في الوقت المناسب.
وفي هذا الصدد جعل الجهة المكلفة بالتبليغ هي قلم الضبط أي كتابة الضبط، للقضاء على لوبيات التبليغ المتعددين والذين يتماطلون في تبليغ الأوامر الصادرة في إطار المساعدة القضائية المتسمة بالمجانية.
المراجع:
1) سلسلة الإدارة القضائية العدد الرابع
ـ مسطرة التبليغ القضائي والتبليغ الإلكتروني ل ذ/ أبوبكر بهلول
2) قانون المسطرة المدنية مع آخر التعديلات محمد بفقير
ـ مستشار بمحكمة الاستئناف
3) الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية للأستاذ عبد الكريم الطالبي
> > المسطرة المدنية - طرق الطعن العادية وغير العادية في القضاء المدني المغربي
المساعد الشخصي الرقمي
مشاهدة النسخة كاملة : المسطرة المدنية - طرق الطعن العادية وغير العادية في القضاء المدني المغربي
'طرق الطعن العادية وغير العادية في القضاء المدني المغربي''
عندما يفصل القاضي في النزاع المعروض عليه و يصدر حكمه،فإنه قد يصيب في هذا الحكم وقد يخطيء لأن القاضي بشر و البشر ليس معصوما من الخطأ، ثم إن الأطراف في النزاع أنفسهم قد يرتابون في حكم القاضي ولا يرتاحون إليه لأن الشعور بالشك و بعدم الثقة هو شعور طبيعي لدى من ردت دعواه أو من حكم عليه،يضاف إلى ذلك أن الحكم الصادر في نزاع قد يمس حقوق أو مصالح شخص لم يكن طرفا في هذا النزاع،لهذه الاعتبارات كان لابد من فسح المجال للمضرور في أن يتظلم من الحكم الذي أضر به،و بالتالي في أن يطعن لهذا الحكم و يطلب إبطاله.كما أن إبطال الأحكام لا يكون بدعوى أصلية أو بطريق الدفع بالبطلان بل بسلوك طريقة من طرق الطعن القانونية.و أن مبدأ جعل بطلان الأحكام منوط بسلوك طريقة من طرق الطعن القانونية لا يطبق إلا على الأحكام الفاصلة في النزاع.
و يقصد بطرق الطعن الوسائل التي يضعها المشرع في متناول الأطراف في النزاع أو في متناول الغير للتظلم من حكم أضر بحقوقهم أو بمصالحهم، و ذلك انتهاء إزالة أو تخفيف الضرر الذي ألحقه بهم الحكم المطعون فيه.و طرق الطعن في التشريع المغربي نص على:
طرق الطعن العادية و هي التي لا يكون فيها الطاعن ملزما، حتى يقبل طعنه أن يدلي بسبب معين قانونا بل أن طعنه يقبل دون تحديد لأسباب قبوله، و الطعن العادي بعد ذلك يطرح الخصومة من جديد أمام المحكمة التي يحق لها أن تبحث في الدعوى بكاملها ضمن الشروط نفسها التي كانت ممنوحة للمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، و طرق الطعن العادية هي التعرض و الاستئناف.
أما طرق الطعن الغير عادية، فهي التي لا تقبل إلا إذا أستند الطاعن في طعنه لسبب من الأسباب التي حددها القانون على وجه الحصر، ثم إن المحكمة التي عرض عليها الطعن تكون سلطتها محصورة في بعض العيوب التي أثارها الطاعن في طعنه ليس إلا و طرق الطعن الغير عادية هي تعرض الخارج عن الخصومة، و إعادة النظر، و الطعن بالنقض.
و أهمية تصنيف طرق الطعن العادية و الغير عادية تتجلى في الفوارق الهامة التالية:
- طرق الطعن العادية تكون عادة موقفة و معنى ذلك أن الحكم المطعون فيه بطريق طعن عادي يصبح بمجرد تقديم الطعن غير قابل للتنفيذ، ما لم يكن متضمنا التنفيذ المعجل أو ما لم يكن يحسب طبيعته أو بحكم القانون يقبل النفاذ المعجل كما في الأحكام الصادرة في القضايا المستعجلة.
أما طرق الطعن الغير عادية فهي ليست موقفة، و معنى ذلك أن الأحكام التي يطعن فيها بطريق من طرق الطعن غير العادية تبقى قابلة للتنفيذ رغم الطعن فيها ما لم تقرر المحكمة المرفوع إليها الطعن، إيقاف تنفيذها.
كما لا ننسى أن هناك أحكام أو مباديء تخضع لها جميع طرق الطعن دون استثناء.أو لا تقبل الطعن في الأحوال التي يكون للطاعن فيها مصلحة.
للطعن أثر نسبي يستفيد منه من باشره و لا يحتج إلا على من بوشر .لا يجوز التنازل مسبقا من الطعن إنما يصح التنازل عنه بعد صدور الحكم.
إن تطبيق طرق الطعن العادية و طرق غير العادية هو التطبيق السائد في الفقه و هو الذي تبناه المشرع المغربي، و عليه سنبدأ بالبحث في طرق الطعن العادية فتم نتقل إلى طرق الطعن الغير العادية.
- طرق الطعن العادية:
1-التعرض :
تعريف: التعرض هو الطريق الذي يسلكه الطاعن عندما يصدر الحكم بحقه بالصورة الغيابية:
أولا- مجال تطبيق التعرض: ينص الفصل 130 من ق.م.م على أن يجوز التعرض على الغيابية الصادرة عن المحكمة الابتدائية إذا لم تكن قابلة للاستئناف.هذا بالنسبة للأحكام و الصادرة من المحاكم الابتدائية، أما بالنسبة لأحكام الغيابية الصادرة من محاكم الاستئناف و القابلة للتعرض فقد نص عليها الفصل 352 من ق.م.م و مع أن القاعدة أن تخضع الأحكام الغيابية للتعرض فإن المشرع اوجد بعض الاستثناءات على ذلك منها ما ينص به الفصل 153 من ق.م.م فقرته الثالثة إذ لا يطغن في الأوامر الاستعجالية بالتعرض و منها كذلك ما ينص عليه الفصل 378 من نفس القانون حيث لا تقبل التعرض على القرارات الغيابية الصادرة من المجلس الأعلى.
ثانيا- إجراءات التعرض: ينص الفصل 131 من ق.م.م ، يقدم التعرض و استدعاء المدعي ألأصلي للحضور بالجلسة طبقا للقواعد المنصوص عليها في الفصول 31،37،38،39.و ينص الفصل 130 من نفس القانون. يجب تنبيه الطرف في وثيقة التسليم إلى أنه بانقضاء الأجل المذكور يسقط حقه في التعرض.
يتبين من هذين النصين ان التعرض يقدم في شكل مقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو كيله او في صورة تصريح يدلي به المدعي شخصيا أمام أحد أعوان كتابة الضبط الذي يحرر به محضر يوقع عليه المدعي أو يشار إلى عدم إمكانية التوقيع.
ثالثا- أثار التعرض: ينص الفصل 132 من قانون المسطرة المدنية المعمول بظهير 10/09/1993 على أنه يوقف التعرض التنفيذ ما لم يؤمر بغير ذلك في الحكم الغيابي و في هذه الحالة فإذا قدم المحكوم عليه بإيقاف التنفيذ بثت غرفة المشورة مسبقا في طلب إيقاف التنفيذ المفصل طبقا لمقتضيات الفصل 147. فأهم اثر يتوقف على تقديم التعرض هو وقف تنفيذ الحكم الغيابي الصادر من المحكمة التي فصلت في الموضوع.
2- الاستئناف:
تعريف: نظام التقاضي في المغرب هو نظام التقاضي على درجتين و هذا يعني أن أكثر الدعاوى ترفع أول الأمر إلى محكمة الدرجة ألأولى، يتم تعرض من طرف الفريق الخاسر بطريق الاستئناف، على محكمة أعلى تسمى محكمة الدرجة الثانية و ذلك قصد إصلاح الخطأ الذي ارتكبته محكمة الدرجة الأولى.
أولا:الأحكام القابلة للاستئناف: كل حكم يفصل في الجوهر في القضايا المعروضة على المحاكم الابتدائية، و التي أوجب القانون صدور الحكم بصورة غير انتهائية، يجوز الطعن فيه بطريق الاستئناف. و كذلك يجوز الطعن بطريق الاستئناف في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الجوهر في القضايا التي ثبت المحكمة في جوهرها بصورة غير انتهائية شريطة ألا يقع الطعن في مثل هذه الأحكام بصورة مستقلة و أوجب ممارسته مع الطعن في الحكم الفاصل في الجوهر طبقا للفصل .........
ثانيا: ميعاد الاستئناف: حدد المشرع ميعاد الطعن في الأحكام استئنافيا بمدة 30 يوما مع بعض الاستثناءات القاضية بالمحاكم التجارية و الأوامر الاستعجالية يبدأ ميعاد الاستئناف بالنسبة للأحكام الحضورية أو العادية بمثابة الحضوري من تاريخ تبليغ الحكم للشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي أو المختار. و إذا كان الحكم غيابيا فيبدأ المعاد من تاريخ انتهاء ميعاد
المساعد الشخصي الرقمي
مشاهدة النسخة كاملة : المسطرة المدنية - طرق الطعن العادية وغير العادية في القضاء المدني المغربي
'طرق الطعن العادية وغير العادية في القضاء المدني المغربي''
عندما يفصل القاضي في النزاع المعروض عليه و يصدر حكمه،فإنه قد يصيب في هذا الحكم وقد يخطيء لأن القاضي بشر و البشر ليس معصوما من الخطأ، ثم إن الأطراف في النزاع أنفسهم قد يرتابون في حكم القاضي ولا يرتاحون إليه لأن الشعور بالشك و بعدم الثقة هو شعور طبيعي لدى من ردت دعواه أو من حكم عليه،يضاف إلى ذلك أن الحكم الصادر في نزاع قد يمس حقوق أو مصالح شخص لم يكن طرفا في هذا النزاع،لهذه الاعتبارات كان لابد من فسح المجال للمضرور في أن يتظلم من الحكم الذي أضر به،و بالتالي في أن يطعن لهذا الحكم و يطلب إبطاله.كما أن إبطال الأحكام لا يكون بدعوى أصلية أو بطريق الدفع بالبطلان بل بسلوك طريقة من طرق الطعن القانونية.و أن مبدأ جعل بطلان الأحكام منوط بسلوك طريقة من طرق الطعن القانونية لا يطبق إلا على الأحكام الفاصلة في النزاع.
و يقصد بطرق الطعن الوسائل التي يضعها المشرع في متناول الأطراف في النزاع أو في متناول الغير للتظلم من حكم أضر بحقوقهم أو بمصالحهم، و ذلك انتهاء إزالة أو تخفيف الضرر الذي ألحقه بهم الحكم المطعون فيه.و طرق الطعن في التشريع المغربي نص على:
طرق الطعن العادية و هي التي لا يكون فيها الطاعن ملزما، حتى يقبل طعنه أن يدلي بسبب معين قانونا بل أن طعنه يقبل دون تحديد لأسباب قبوله، و الطعن العادي بعد ذلك يطرح الخصومة من جديد أمام المحكمة التي يحق لها أن تبحث في الدعوى بكاملها ضمن الشروط نفسها التي كانت ممنوحة للمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، و طرق الطعن العادية هي التعرض و الاستئناف.
أما طرق الطعن الغير عادية، فهي التي لا تقبل إلا إذا أستند الطاعن في طعنه لسبب من الأسباب التي حددها القانون على وجه الحصر، ثم إن المحكمة التي عرض عليها الطعن تكون سلطتها محصورة في بعض العيوب التي أثارها الطاعن في طعنه ليس إلا و طرق الطعن الغير عادية هي تعرض الخارج عن الخصومة، و إعادة النظر، و الطعن بالنقض.
و أهمية تصنيف طرق الطعن العادية و الغير عادية تتجلى في الفوارق الهامة التالية:
- طرق الطعن العادية تكون عادة موقفة و معنى ذلك أن الحكم المطعون فيه بطريق طعن عادي يصبح بمجرد تقديم الطعن غير قابل للتنفيذ، ما لم يكن متضمنا التنفيذ المعجل أو ما لم يكن يحسب طبيعته أو بحكم القانون يقبل النفاذ المعجل كما في الأحكام الصادرة في القضايا المستعجلة.
أما طرق الطعن الغير عادية فهي ليست موقفة، و معنى ذلك أن الأحكام التي يطعن فيها بطريق من طرق الطعن غير العادية تبقى قابلة للتنفيذ رغم الطعن فيها ما لم تقرر المحكمة المرفوع إليها الطعن، إيقاف تنفيذها.
كما لا ننسى أن هناك أحكام أو مباديء تخضع لها جميع طرق الطعن دون استثناء.أو لا تقبل الطعن في الأحوال التي يكون للطاعن فيها مصلحة.
للطعن أثر نسبي يستفيد منه من باشره و لا يحتج إلا على من بوشر .لا يجوز التنازل مسبقا من الطعن إنما يصح التنازل عنه بعد صدور الحكم.
إن تطبيق طرق الطعن العادية و طرق غير العادية هو التطبيق السائد في الفقه و هو الذي تبناه المشرع المغربي، و عليه سنبدأ بالبحث في طرق الطعن العادية فتم نتقل إلى طرق الطعن الغير العادية.
- طرق الطعن العادية:
1-التعرض :
تعريف: التعرض هو الطريق الذي يسلكه الطاعن عندما يصدر الحكم بحقه بالصورة الغيابية:
أولا- مجال تطبيق التعرض: ينص الفصل 130 من ق.م.م على أن يجوز التعرض على الغيابية الصادرة عن المحكمة الابتدائية إذا لم تكن قابلة للاستئناف.هذا بالنسبة للأحكام و الصادرة من المحاكم الابتدائية، أما بالنسبة لأحكام الغيابية الصادرة من محاكم الاستئناف و القابلة للتعرض فقد نص عليها الفصل 352 من ق.م.م و مع أن القاعدة أن تخضع الأحكام الغيابية للتعرض فإن المشرع اوجد بعض الاستثناءات على ذلك منها ما ينص به الفصل 153 من ق.م.م فقرته الثالثة إذ لا يطغن في الأوامر الاستعجالية بالتعرض و منها كذلك ما ينص عليه الفصل 378 من نفس القانون حيث لا تقبل التعرض على القرارات الغيابية الصادرة من المجلس الأعلى.
ثانيا- إجراءات التعرض: ينص الفصل 131 من ق.م.م ، يقدم التعرض و استدعاء المدعي ألأصلي للحضور بالجلسة طبقا للقواعد المنصوص عليها في الفصول 31،37،38،39.و ينص الفصل 130 من نفس القانون. يجب تنبيه الطرف في وثيقة التسليم إلى أنه بانقضاء الأجل المذكور يسقط حقه في التعرض.
يتبين من هذين النصين ان التعرض يقدم في شكل مقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو كيله او في صورة تصريح يدلي به المدعي شخصيا أمام أحد أعوان كتابة الضبط الذي يحرر به محضر يوقع عليه المدعي أو يشار إلى عدم إمكانية التوقيع.
ثالثا- أثار التعرض: ينص الفصل 132 من قانون المسطرة المدنية المعمول بظهير 10/09/1993 على أنه يوقف التعرض التنفيذ ما لم يؤمر بغير ذلك في الحكم الغيابي و في هذه الحالة فإذا قدم المحكوم عليه بإيقاف التنفيذ بثت غرفة المشورة مسبقا في طلب إيقاف التنفيذ المفصل طبقا لمقتضيات الفصل 147. فأهم اثر يتوقف على تقديم التعرض هو وقف تنفيذ الحكم الغيابي الصادر من المحكمة التي فصلت في الموضوع.
2- الاستئناف:
تعريف: نظام التقاضي في المغرب هو نظام التقاضي على درجتين و هذا يعني أن أكثر الدعاوى ترفع أول الأمر إلى محكمة الدرجة ألأولى، يتم تعرض من طرف الفريق الخاسر بطريق الاستئناف، على محكمة أعلى تسمى محكمة الدرجة الثانية و ذلك قصد إصلاح الخطأ الذي ارتكبته محكمة الدرجة الأولى.
أولا:الأحكام القابلة للاستئناف: كل حكم يفصل في الجوهر في القضايا المعروضة على المحاكم الابتدائية، و التي أوجب القانون صدور الحكم بصورة غير انتهائية، يجوز الطعن فيه بطريق الاستئناف. و كذلك يجوز الطعن بطريق الاستئناف في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الجوهر في القضايا التي ثبت المحكمة في جوهرها بصورة غير انتهائية شريطة ألا يقع الطعن في مثل هذه الأحكام بصورة مستقلة و أوجب ممارسته مع الطعن في الحكم الفاصل في الجوهر طبقا للفصل .........
ثانيا: ميعاد الاستئناف: حدد المشرع ميعاد الطعن في الأحكام استئنافيا بمدة 30 يوما مع بعض الاستثناءات القاضية بالمحاكم التجارية و الأوامر الاستعجالية يبدأ ميعاد الاستئناف بالنسبة للأحكام الحضورية أو العادية بمثابة الحضوري من تاريخ تبليغ الحكم للشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي أو المختار. و إذا كان الحكم غيابيا فيبدأ المعاد من تاريخ انتهاء ميعاد
Aucun commentaire