اخر الأخبار

قانون الميزانية S5 Vidéo

قانون الميزانية المحاضرة 2 الجزء الاول ذ .خالد مبروكي

(مفهوم الميزانية في التشريع المالي المغربي)




 مفهوم الميزانية في التشريع المالي المغربي


بتفحصنا للقوانين المنظمة للشأن المالي العمومي وعلى رأسها الدستور والقوانين التنظيمية للمالية, نلحظ غيابا تاما لتعريف الميزانية , فدساتير المملكة لا تتعرض لهدا المفهوم , والمواد المتصلة بالمالية العمومية كلها تعتمد مفهوم قانون المالية  [1] .نفس الأمر ينطبق على القوانين التنظيمية المتعلقة بقوانين المالية , فهي الأخرى تعرف قانون المالية وتتحاشى تعريف مفهوم الميزانية وهدا ما يمكن رصده من خلال المادة 2 من القانون التنظيمي للمالية الصادر سنة 1963 , والدي يعتبر أول دستور مالي تم اقراره  "...ينص قانون مالية السنة فيما يرجع لكل سنة مدنية على مجموع موارد وتكاليف الدولة كما يأذن بها  ..." [2] .
اقتصار المشرع المغربي على تعريف قانون المالية دون الميزانية , الغرض منه التأكيد على مركزية مفهوم قانون المالية , وعلى أ، هدا الأخير هو القادر على استيعاب التغييرات التي أحدثها التحول من دولة محايدة , إلى دولة تدخلية  , لكن أمام غياب تعريف شكلي للميزانية هناك تعريف مادي ورد في المادة 21 من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 21/أبريل/1967 [3]  "  تتناول الميزانية نفقات ومداخيل الدولة السنوية غير المرصودة لأمور خصوصية والتي لها شكل ميزانية ملحقة أو حساب خصوصي للخزينة " .
هدا التعريف المعتمد من قبل المشرع المغربي إضافة إلى كونه تعريفا ماديا , هو تعريف سلبي , أي أنه يعرف الميزانية  عبر تمييزها عن باقي العمليات المالية العمومية الأخرى والمتعلقة بالمرصدات المذكورة سلفا , فالميزانية العامة لا تتضمن سوى الموارد والنفقات المتعلقة بها, مع استبعاد المخصصات التي تأخذ شكل حساب خصوصي للخزينة , أو مصلحة مسيرة بصورة مستقلة [4].
الميزانية العامة إذن تشكل الجزء المحاسبي المتعلق بالموارد والنفقات , وميزانية الدولة تتشكل من الميزانية العامة إضافة إلى الحسابات الخصوصية للخزينة ومصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة , وكل هده العمليات المالية العمومية يستوعبها قانون المالية السنوي .
لكن على المستوى المحلي أورد المشرع تعريفا شكليا لمفهوم الميزانية وبالضبط في  المادة 3 من ظهير 1976 بمثابة قانون والمتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيآتها , نفس العبارات الواردة في هدا النص سيتم اعتمادها في القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية ,في المواد 165 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات الصادر سنة 2015 والمادة 144 من القانون المتعلق بالعمالات والأقاليم 2015 , والمادة 152 من القانون المتعلق بالجماعات المحلية لسنة 2015  "  الميزانية هي الوثيقة التي يقدر ويؤدن بموجبها بالنسبة لكل سنة مالية , مجموع موارد وتكاليف الجهة .. " [5] .
على مستوى التشريع المالي المحلي والترابي , لا يمكن الحديث سوى عن الميزانية , لأن مفهوم القانون المالي ينطبق على الدولة فقط , وفي نظرنا استحضار مفهوم الميزانية وانشغال المشرع المغربي بأمر تعريف الميزانية على المستوى الترابي , مرده كون هدا الأخير – مفهوم الميزانية – هو المفهوم المركزي كما هو الشأن بالنسبة لقانون المالية على المستوى المركزي .
وتلزم الإشارة إلى أن الجانب المفاهيمي قد تم إغناؤه من خلال إدراج طرق في التدبير المالي العمومي تستهدف النجاعة والكفاءة في استعمال الموارد المالية العمومية , والمقصود بدلك مفهوم البرمجة المتعددة السنوات [6], مما يجعلنا أمام صيغ أخرى تتوخى تجاوز نواقص االحصر الزمني الدي يطبع المالية العمومية .
جميع التعاريف التي تناولت مفهوم الميزانية تشير إلى خاصيتين , وهما التوقع  والإذن
الميزانية عمل توقعي : وهدا يعني أن الميزانية توضع بالنسبة للسنة المقبلة , والتوقع يتيح للحكومة أخد فكرة مسبقة عن العمليات المالية التي تروم إنجازها , ويبعدها عن الارتجال هدا من الناحية التقنية , أما من الناحية السياسية فالتوقع يجعل من الميزانية مناسبة مثلى لمراقبة الحكومة من طرف البرلمان , ودلك  عبر إجراء مقارنة بين ما تم توقعه وما تم إنجازه, لقياس مدى حنكة الحكومة وكفاءتها في تدبير الأموال العمومية .
الميزانية عمل آذن : أي أن العمليات المالية المدرجة في إطار الميزانية لا يمكن البدء في إنجازها إلا بعد الحصول على الإدن البرلماني , أي بعد أن يحصل تصويت على المقتضيات  الواردة في إطارها , ويأخد الترخيص البرلماني صيغة قانون المالية , وهدا ما أشار إليه الدستور المغربي في المادة 75 "  يصدر قانون المالية , الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب بالتصويت من قبل البرلمان ودلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي ..."

أصناف قوانين المالية :

الحديث عن قانون المالية لا ينحصر في قانون مالية السنة, بل هناك أصناف أخرى من القوانين المالية, وهي تلك التي أشارت إليها المادة 2 من القانون التنظيمي للمالية  " يراد في مدلول هدا القانون التنظيمي بقانون المالية :
-قانون المالية للسنة ,
-قوانين المالية المعدلة ,
-قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية ,

الفقرة الأولى : قانون مالية السنة :
هدا القانون يتضمن التقديرات المالية السنوية المتعلقة بالموارد والتحملات , وهده الأخيرة ذات طابع محاسبي ترد في الميزانية , إضافة إلى المقتضيات ذات الطابع التنظيمي والقانوني التي ترد في القانون المالي وليس في الميزانية , وفي هدا الإطار يمكن الاشارة إلى كون مفهوم قانون المالية مغهوم أوسع وأشمل من الميزانية .
وقانون المالية شأنه شأن الميزانية يوضع لمدة زمنية محددة , وهي السنة وهدا ما ألمح إليه المشرع في المادة 1 من القانون التنظيمي لقوانين المالية 130.13  " يحدد قانون المالية , بالنسبة  لكل سنة مالية , طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة , وكدا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها , وتراعى في دلك الظرفية الاقتصادية والاجتماعية عند إعداد قانون المالية , وكدا أهداف ونتائج البرامج التي حددها هدا القانون "
الفقرة الثانية : قوانين المالية المعدلة :
 هذا النوع من القوانين يتم اللجوء إليها في الحالات التي تجد الدولة نفسها مضطرة لإحداث تغيير في إحدى مقتضيات قانون مالية السنة نظرا لظرف طارئ أربك توقعتها , ويخضع القانون المالي المعدل لنفس المساطر المتعلقة بالإعداد والتقديم والتصديق المطبقة على قانون مالية السنة , اللهم الفروق المتصلة بالآجال والتي حددتها المادة 51 من القانون التنظيمي 130.13  "  يصوت البرلمان على مشروع قانون المالية المعدل في أجل لا يتعدى 15 يوما الموالية لإيداعه من طرف الحكومة لدى مكتب مجلس النواب .
 يبث مجلس النواب في مشروع قانون المالية المعدل داخل أجل 8 أيام  الموالية لتاريخ إيداعه بمجرد التصويت على هذا المشروع أو نهاية الأجل المحدد في الفقرة السابقة , تعرض الحكومة على مجلس المستشارين الذي تم إقراره , أو النص الذي قدمته في أول الأمر مدخلة عليه إن اقتضى الحال التعديلات المصوت عليها من طرف مجلس النواب والمقبولة من طرف الحكومة .
يبث مجلس المستشارين في المشروع داخل أجل 4 أيام الموالية لعرضه عليه.
يقوم مجلس النواب بدراسة التعديلات المصوت عليها من طرف مجلس المستشارين, ويعود له البث النهائي في مشروع قانون المالية المعدل في أجل لا يتعدى 3 أيام .
أهمية القوانين المالية المعدلة تتمثل في كونها هي السبيل الوحيد لتعديل مقتضيات قانون المالية, وهدا ما نص عليه المشرع في المادة 4 من القانون التنظيمي « لا يمكن أن تغير خلال السنة أحكام قانون المالية للسنة إلا بقوانين المالية المعدلة " . لكن وعلى الرغم من ذلك لا يتم احترام هدا المقتضى , ويتم إقحام تعديلات طيلة السنة عبر توظيف الجهاز التنفيذي لسلطته التنظيمية , وتضمين القانون المالي الأصلي تدابير جديدة بمقتضى مراسيم أو مراسيم قوانين , من قبيل تلك المنصوص عليها في المادة 60 من القانون التنظيمي لقوانين المالية 130.13 وهي مايطلق عليه بمراسيم الضرورة حيث أنه " طبقا للفصل 70 من الدستور يمكن في حالة ضرورة ملحة وغير متوقعة ذات مصلحة وطنية , أن تفتح اعتمادات إضافية  بمرسوم أثناء السنة , ويتم إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان مسبقا بدلك " هكذا يتم تفادي الإذن البرلماني.  ودورا لجهاز التشريعي في إقرار تعديلات على القانون المالي السنوي [7]. دون الحديث عن المادة 68 من نفس القانون التي تمنح شيك على بياض للسلطة الحكومية عبر تمكينها من اتخاد جميع التدابير التي من شأنها ضمان حسن تدبير المالية العامة...

الفقرة الثالثة : قانون التصفية :
  قانون التصفية , قانون لاحق , ووسيلة لتقييم الأداء المالي للحكومة , ويشكل هدا الصنف من القوانين أحد الوسائل التي من خلالها يمكن الوقوف على الفروق بين التوقعات والانجازات الفعلية , وحصر حساب نتيجة السنة .
وحسب المادة 64 من القانون التنظيمي 130.13 " يثبت ويحصر قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية المبلغ النهائي للمداخيل المقبوضة والنفقات المتعلقة بنفس السنة المالية والمؤشر على الأمر بصرفها ويحصر حساب نتيجة السنة ..." 
والجدير بالذكر أن  هذا الصنف من أصناف قوانين المالية قد تمت دسترته بمقتضى المادة 76 من دستور المملكة  لسنة 2011 , وجعلت منه قانون ماليا سنويا هو الآخر لتدارك النواقص التي شابت التعاطي مع قانون التصفية والتي وصلت حد تقديم مشاريع قوانين للتصفية تفصلها عن السنوات المالية المرتبطة بها سنوات عديدة [8], تفقر هده الآلية الرقابية من مضمونها .
قانون التصفية إذا مناسبة سنوية لمحاسبة الحكومة , والغرض من إقراره هو حصر والموافقة  على حساب نتيجة السنة  , ورصد النتيجة المحاسبية للسنة في حصيلة الحسابات , وكما أشارت الفقرة 3 من المادة 64 يمكن أن يتضمن هدا القانون المصادقة على الاعتمادات الاضافية المفتوحة وفق المادة 60 , ويتعلق الأمر هنا بتلك المقررة بمقتضى مراسيم الضرورة التي نص عليها الدستور المغربي في مادته 70 , إضافة إلى إثبات التجاوزات في الاعتمادات المفتوحة والإذن بتسويتها وفتح الاعتمادات الضرورية لدلك مع تقديم الاثباتات المتعلقة بها وأخيرا إثبات الاعتمادات الملغاة لعدم استعمالها .
التأطير الزمني لقوانين التصفية :
 الدستور جعل من هدا القانون قانونا سنويا المادة 76 من الدستور  2011 , وحدد الأجل الأقصى لتقديمه في نهاية السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ القانون المالي , وبشكل أكثر تدقيقا قبل نهاية الربع الأول من السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ القانون المعني[9].
المادة 47 من القانون التنظيمي لقوانين المالية على الرغم من كونه حدد أجل الايداع في نهاية السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ القانون المالي شأنه شأن المادة 65 , إلا أنه كان يتسم كذلك بفقر كبير على مستوى المرفقات التي كانت تحال على نواب الأمة , هدا ما انتبه له المشرع , وبفعل الضغوط والمطالبات بتحسين شروط الاطلاع وجودة القوانين المتعلقة بالمالية العمومية , تمت إضافة خمس وثائق مرفقة بمشروع قانون التصفية , إضافة إلى التقرير المتعلق بتنفيذ الميزانية الذي يحيله المجلس الأعلى للحسابات على البرلمان , والتصريح العام للمطابقة بين الحسابات الفردية للمحاسبين والحساب العام للمملكة .
1) الحساب العام للمملكة , 2) ملحق متعلق بالاعتمادات الاضافية,  3) التقرير السنوي حول نجاعة الأداء, 4 )تقرير حول الموارد المرصدة للجماعات الترابية, 5 )تقرير افتحاص نجاعة الأداء [10] .




[1]   المواد 50 , 51 من دستور المملكة لسنة 1996 , كدلك المواد 75-76-77 من دستور 2011 .
[2]   نفس الأمر ينطبق على القوانين التنظيمية  اللاحقة , حتى صدور آخر قانون تنظيمي 130.13 .
[3]  المرسوم الملكي رقم 331.66 الصادر في 10 محرم 1387 الموافق ل 21/ابريل/1967  بتطبيق مقتضيات القانون التنظيمي  للمالية المتعلقة بتقديم القوانين المالية .
[4]   مند قانون التنظيمي لسنة 1998 حلت عبارة مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة محل الميزانيات الملحقة و المادة 16 مكررة من القانون التنظيمي رقم 7.98 بتاريخ  26/نوفمبر /1998 . ج ر 46.44 .
[5]   -القانون التنظيمي المتعلق بالجهات رقم 111.14 .الصادر سنة 7/ يوليوز/2015 .
    - القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم رقم 112.14 الصادر 7 /يوليوز/ 2015 .    - القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات رقم 113.14 . الصادر  7 / يوليوز /2015 .
 اعتمدنا النص المتعلق بالجهات  المادة 165 .[6]  المادة 3 و5 من القانون التنظيمي المتعلق بقوانين المالية 130.13  .
[7]   أشهر القوانين المالية المعدلة القانون المالي المعدل لسنة 1983 , والدي على إثره دخل المغرب فيما يطلق عليه ببرنامج التقويم الهيكلي .ظهير صادر بتاريخ 30 يوليوز 1983 . عدد الجريدة الرسمية 3691 .
[8]    مثلا تصفية ميزانية السنة المالية 2001 تمت بمقتضى القانون رقم 56.05 ,ج ر عدد 5523 , الصادر بتاريخ 17 أبريل 2007  , الفارق واضح . قوانين التصفية المتعلقة بالسنوات المالية التالية 1984-1985-1986 صودق عليا مجتمعة بتاريخ 10 شتنبر 1993 .
[9]   المادة 65 قانون تنظيمي 130.13 " طبقا للفصل 76 من الدستور, يودع مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية سنويا بالأسبقية بمكتب مجلس النواب في أجل أقصاه نهاية الربع الأول من السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ قانون المالية المعني. "
[10] المادة 66 ق ت م 130.13 .

Aucun commentaire